التسلط عاهة سلوكية ونفسية ، يعاني منها
الفرد المتسلط نفسه قبل الآخرين المتعاملين معه. يذهب الذهن مباشرة الي ربط التسلط
بالحكم والحكام إلا ان الحالة لا تقف عند شخص محدد، فكثير من الاشخاص العاديين
ايضاً يمارسون التسلط سواء كان ذلك في
بيوتهم او مواقع اعمالهم وأنشطتهم او عند الحوار والنقاش مع الآخرين . نعم،
فالحكام والمدراء ومن هم في موقع المسؤولية تمتد تأثيرات تسلطهم علي الحياة العامة
والاخرين وبالتالي فنتيجة تسلطهم اكثر ضرراً وخطورة بحكم إمتلاكهم لأدوات التأثير
التي توفرها لهم السلطة التي بين أيديهم. هنا نذكر المقولة التي تشير الي ما يسمي
بخطورة السلطة اي بمعني أن السلطة سلاح ذو حدين يمكن إستخدامها في تحقيق النتائج العظيمة وبنفس القدرة يمكن عبرها
خلق الأخطاء القاتلة ، فالامر في النهاية يتوقف علي نوع العقل الذي يتخذ القرار ويمارس
السلطة.
إلتقيت رجال من هذا النوع سواء أيام
الدراسة ونحن طلاب، ومن ثم في الحياة العامة والعملية. وكلنا بإمكانه تذكر
الشخصيات المتسلطة التي التقي بها في حياته ومدي تأثيرها في الآخرين.
الشخص المتسلط يفتقد الإحساس بقيمة تفكير
الاخرين حيث يعمل إبتداءً علي عدم منحهم الفرصة لإبداء الآراء والإستماع اليهم.
المتسلط شخصية لا يستخدم حاسة السمع التي وهبها الله للإنسان حيث جعل له أذنين
مقابل فم ولسان واحد . المتسلط شخصية أنانية تحب ذاتها، وتحتقر الآخرين. المتسلط
شخصية تستبطن الكثير من الأمراض النفسية والمزاجية ومنها التكبر، والتشدد، وحدة
المزاج ، والحماقة. آفة المتسلط إنه يحرم نفسة من ميزة التعلم من آراء وتجارب وعبر
الآخرين سواء عبر اخذ ارائهم او عبرهم وتجاربهم، وبالتالي فأن فرصته في الأخطاء
اكثر من الشخص غير المتسلط ، فمعظم الأخطاء التي يقوم بها البشر فهي متكررة في
الغالب الاعم.
يميل المتسلط الي أخذ قراراته دون دراسة
الظروف المحيطة او إدراك الأبعاد المتصلة بها ، وعند وقوعه في الأخطاء بدلاً من
مراجعة نفسه ومواقفه يواصل هواياته الهوجاء في الإصرار علي الانفراد، وهنا يقود
نفسه ومن معه والمؤسسة التي يديرها الي مزيد من الأخطاء والخسائر.
بما ان المتسلط لا يحترم أراء الاخرين، فأنه
إنسان لديه قدرة علي خلق الخصوم والمفاجرة معهم . في المؤسسات التي يقودها أشخاص
متسلطين يتحول المرؤسين تلقائياً الي ثلاث مجموعات. الجزء الاول يرفض التعامل مع
المسؤول المتسلط ، وهؤلاء أغلبهم من المقتدرين مهنياً الذين يحملون تصورات لطبيعة
العمل، وفي الغالب يدخلون في صراع مع المسؤول وقد ينتصرون عليه او يتركون العمل او
يواصلون الصراع من داخل المؤسسة. النوع الثاني فيقبل الأوضاع كما هي رغم آرائه، ويتساير مع الوضع، وهؤلاء أغلبهم من الذين يخشون
من تبعات الصراع، وهم لا يضيفون الكثير للمتسلط ولا ينصحونه خشية الصدام معه.
النوع الثالث هو الأخطر وهو الذي يعمل علي إستغلال الظروف، وغالباً يتحلقون حول
المتسلط ويعملون علي تعبئته ضد الاخرين. هذا النوع هم بشر طفيلييون يفتقدون الي الأخلاق
السليمة ، وتحركهم أطماعهم ونفوسهم المريضة التي تشترك كثيراً مع العقد النفسية
التي يعاني منها المتسلط مثل الانانية والاطماع .
الجانب الإيجابي في شخصية المتسلط إنه إنسان عملي اي بمعني واضح المواقف وهو أمر مهم في الحياة العملية. كما يمكنه أن يقود
بعض النجاحات والتحولات الإيجابية، لكن مشكلته إنه يحولها الي فشل من نوع آخر
نتيجة مزاجيته وتفكيره. أغلب المتسلطين خصوصاً الحكام والمدراء منهم تخلقهم ظروف
محددة منها التبعية العمياء لمن حولهم ومنحهم إحساس بالتفوق والقدرة غير العادية
مما يساهم في إفسادهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق