مع إتفاقنا علي أهمية البيان والكلام ، إلا
ان هناك الكثير من الأمثلة والمقولات التي تمجد الصمت وتدعو اليه. فنسمع عبارات من
شاكلة ( إذا كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب)، (صمتي لا يعني جهلي بما حولي ولكن
ما يدور حولي لا يستحق الكلام) ، ( يندم الانسان احياناً علي الكلام ولكن لا يوجد من يندم علي الصمت) . كثيرة هي العبارات من هذه الشاكلة حيث لا تحصي. من
خلال تجربتي البسيطة والمتواضعة في هذه الحياة تعلمت أهمية قيمة الصمت التي
استخدمها كثيراً عند مواجهة المشاكل . فالكلام لا يجدي في بعض المواقف بل يزيد
الأمور تعقيداً .
متي يكون الصمت حكمةً مطلوبة؟
عندما تصل في نقاش ما الي نقطة اللاعودة او إلى الطريق
المسدود نتيجة إختلاف وجهات النظر او سوء التفاهم لا يجدي هنا الا الصمت خصوصاً لو
كان الذي تتحدث معه من النوع العصبي، او المشاتر ، والأحمق او المتكبر فهولاء لا يمكن
أن تصل معهم الي مخرج ابداً مهما حاولت أن تحشد الحجج والمنطق في مواجهتهم. كما أن
بعض القضايا المعقدة لا يجدي معها الكلام، فمن الأصوب السكوت عنها لفترة خصوصاً
عندما تكون في مرحلتها الأولي . فبعد مرور وقت تهدء فيها الآلام والإنفعالات يمكن إستخدام
الكلام في محاولة نقاشها ومن ثم حلها.
الثرثارون يجلبون لأنفسهم المشاكل ، لأنهم
يطلقون الكلام دون حاجة إليه، ويتحدثون في ما لايعنيهم ، وفي أشياء كان مع الأصوب
السكوت عنها، او يتحدثون مع الشخص الخطأ في الموضوع الخطأ. كلنا يمر بهؤلاء في
يومياته ، وهم كالعادة تبدو عليهم البراءة عكس الصامتين لكن من الأفضل ان لا تصاحبهم
وتقضي كثير وقت معهم ، فلا يضيفون لحياتك إلا الذنوب والهموم .
هناك إختلافات بالطبع بين ثقافات الشعوب
فيما يلي الكلام والصمت. لا توجد شعوب تمجد الثرثرة الفارغة، كما لا تدعو الي الصمت
السلبي اي بمعني الصمت حين يتطلب منك الظرف المعين الكلام وعكس وجهات النظر.
فالثقافة العربية تعتبر الصمت من علامات الرضي في بعض المواقف مثل موقف عرض الزواج
علي الفتاة البكر، فيما تعتبر الثقافة الغربية الصمت علامة لعدم الإهتمام والإكتراث
بالموضوع. هنا تظهر الفروقات في تقييم بعض السلوكيات في الثقافات البشرية
المتعددة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق