الجمعة، 29 مايو 2015

التدخين وتجاهل الناس لأضراره



يحتفل العالم بعد غد باليوم العالمي لمكافحة التدخين، وهى مناسبة لها قيمة فوق الوصف من حيث أهميتها ومراميها. يُكلف التدخين البشرية كل يوم كثير من الموارد التي يمكن وصفها بالمهدرة، والتي كان يمكن إستغلالها في أوجه صرف مفيدة بدلاً عن إنفاقها في التدخين والتبغ بكل انواعه. 
مشكلة التدخين ان الكل يعرف أضراره علي الصحة وميزانية الاسرة ، هذا غير الاضرار النفسية التي يسببها للآخرين غير المدخنين من خلال نفث الدخان، او بصق الصعوط ، او الروائح غير الطيبة الصادرة من افواه المدخنين ومتعاطي التمباك،  لكن يبدو ان الكل لا يلتفتون لهذه الاضرار. المدخن يمر علي العبارة التحذيرية المكتوبة علي علبة السجائر دون إهتمام. هناك محاولات مقدرة لتطوير هذه المبادرة لتشمل انواع اخري من التبغ حيث قد قامت ولاية الخرطوم بفرض كتابة ذات العبارة علي أكياس الصعوط ( التمباك) وفي واجهة المحلات التي تبيعه ، كما أضاف اشقائنا في مصر صور تحذيرية علي علب السجائر باعتبار ان الصور اكثر اثراً من العبارات المكتوبة ، ويُخشى أن يكون أثرها كأثر مثيلتها السابقة علي علبة السجائر لكن تظل خطوة مقدرة يجب أن تجد التشجيع.
 أخي المدخن نتمني لك حياة أفضل اكثر صحة، ونتمني ان تحافظ على مواردك المالية لصالح أسرتك ونفسك، ونتمني لك ان لا تكون سببا في إيذاء الآخرين عبر التدخين او تعاطي انواع التبغ الأخري.    

الثلاثاء، 26 مايو 2015

فكرة الكرامة بين الوهم والحقيقة


لا اعتقد ان هناك مفهوم يؤثر في حياة البشر مثل مفهوم الكرامة. أغلب الإختلافات التي تحدث بين الناس ترجع إلي تصوراتهم تجاه هذا المفهوم كقيمة او فكرة. ما أكثر الأصدقاء الذين إنهارت علاقتهم بسبب ما يعتبرونه خدشاً للكرامة بعبارة عابرة او جفاء لفترة او تعليق لموضوع او انتقاد. وما اكثر البيوت التي تهدمت بسبب مجرد تعليق لفظي يطلقه الرجل او المرأة يتحولها بعدها البيت الي ساحة للمعركة، وما أكثر زملاء العمل الذين يتحولون الي أعداء بسبب ظنون او سوء تفاهم يتمترس نتيجته كل واحد منهم في قلعة حربية، ومن ثم تتسمم بيئة العمل بسبب صراعات الانداد ويقل الإنتاج . 
المشكلة ان هذا المفهوم في اغلبه متوهم، وغير حقيقي، ولا ضرورة له. حتي حروب الدول والجماعات ترجع كثير منها إلي تصورات ذات علاقة بالدفاع عن كرامة مهانة او يراد إهانتها .
ما هذا الشيطان المسمي بالكرامة الذي يتسبب في كل هذا الدمار والقلق ؟ استعيذوا بالله منه. 

الاثنين، 25 مايو 2015

منبر موسوليني بروما والذكري السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية




علي شرفة هذا المبنى كان يقف زعيم الحزب الايطالي الفاشي بينيتو موسوليني باثاً خطاباته النارية، وهو يعبيء شعبه وجنوده في معارك الحرب الكونية الثانية (1939-1945 ). تلك الحرب التي كلفت البشرية اكثر من 45 مليوناً من الأنفس من كل انحاء الارض ومن كل الاجناس البشرية، هذا غير الدمار والخراب وبقية الخسائر المادية والمعنوية فضلا عن تبعاتها الاخري . تري ماذا كان سيكون حال البشر وارضهم لو نجح موسوليني وحلفائه في كسب تلك المعركة؟ .
في ذات الاثناء، ونحن في بص دليل سياحي يعرف الزوار بمعالم المدينة، وقد مر امام هذا المبنى وكنت برفقة اخوة اعزاء نسأل الله ان يحفظهم ، وقد شرح لنا دليل البص ان الزعيم موسوليني كان يبث خطاباته من شرفة هذا المبني . حينها، جالت بخواطري صور عديدة، من كتب التاريخ التي قرأتها و من القصص التي سمعتها من الكبار عن تلك الفترة . تذكرت ضرب الطيران الايطالي لميناء بورتسودان الذي راح ضحيته عدد من عمال الميناء الابرياء ، وتذكرت الموقف (البطولي) لكابتن الباخرة الايطالية (امبريا) الذي حاصرته القوارب البريطانية خارج بورتسودان وكان باخرته تحمل الامدادات للجيش الايطالي في ارتريا ، عندما شعر انه لا محاله مقبوض أغرق الباخرة بما فيها، وقد اصبحت الان احدي اهم الجواذب السياحية في الساحل السوداني ويزورها الغواصين الطليان بمزيد من النشوة والاحتفاء  والفخر. تذكرت اجتياح القوات الايطالية لكسلا وهي في طريقها الي الخرطوم ومن ثم تقدم قوة دفاع السودان نحو كرن واسمرا، وتذكرت الجنود السودانيين الذي تم نقلهم الي ليبيا ومصر لمحاربة جنود ايطاليا في الصحراء الليبية في معركة هي في الواقع ليست معركتهم ، مرت باذني دندنات صوت عائشة الفلاتية وهي تغني ( يجوا عايدين) في إشارة لأفراد القوة السودانية في ارتريا وليبيا. تذكرت تيارات المستعمرين المتحركة نحو السودان من الجنوب والغرب التيار الفرنسي الذي اجتاح جنوب السودان حتي فشودة مع محاولات لاجتايح مناطق في درافور والتيار الايطالي الذي تحرك من اتجاه الشرق .   
بمناسبة احتفال العالم بالذكري السبعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية في هذا الشهر (مايو 2015) ، نحي ارواح كل الشهداء والابرياء التي راحت ضحية صراعات الطموح والاطماع، ونتيجة الفشل في حل خلافات المصالح والرؤي بوسائل الحوار والمنطق .

الأحد، 24 مايو 2015

النصب التذكاري لنظام الدرج بقيادة منغستو في اديس ابابا


أكثر ما أثار إنتباهي في العاصمة الاثيوبية والافريقية بقاء هذا النصب رغم التغيير الجذري الذي تم للنظام السياسي هناك في العام 1991 بدخول قوات جبهة تحرير التقراي وحلفائها الي مركز الدولة وهروب راس النظام. ربما يرجع ذلك الي تقدير الاثيوبيين لتاريخهم مهما كان ومهما اختلفوا معه فهو يظل جزء من تجربة الشعب الاثيوبي في الحكم. في اديس ابابا تشعر احيانا بان منليك وهيلاسيلاسي لا زالوا احياء، وبل يشاركون في الحكم حيث تجد تاريخهم وصورهم وتماثيلهم وقصصهم عند الكل، وفي كل مكان.

ورحل نجم من نجوم البحر الاحمر

حملت لنا الانباء رحيل رجل كبير في كل شيء ، في صمته وفي كلماته وفي احرفه التي كان يكتبها. ذهب عن دنيانا بصورة مفاجئة غير متوقعة وهو لازال في عمر العطاء. هذا الشخص هو الأستاذ محمد احمد أوهسين الاديب والشيخ والشاعر والوزير السابق واوهسين اسم عربي وهو (الحصين) تعرض لبعض التعديلات باللغة البجاوية كغيره من الاسماء العربية التي نقلت الي البجاوية مثل اوكير واوهاج واونور . برحيله فقد السودان وولاية البحر الاحمر احدي اهم العناصر التي كان يعول عليها كثيراً خصوصاً في ايامنا هذه. تعود معرفتي له عبر كتاباته، ومن ثم توثقت هذه الصلة خلال الفترة التي تزاملنا فيها في عضوية اللجنة العليا للمكتبة الولائية بولاية البحر الاحمر، وهي اللجنة التي اضطلعت بمسئولية تسيير مكتبة بورتسودان العامة. كنت أجد فيه كل معاني الحكمة والفهم والصبر والوعي والأدب والتواضع . كنت أستفيد من الحوار معه ومداخلاته بل حتي تعليقاته المهذبة. من الإمكانات النادرة التي كان يمتلكها فصاحته في اللغة العربية بالاضافة الي اللغة المحلية ( تبداوي) حيث كانه يكتب الاشعار باللغتين كما كان يتحدث بهما دون خلط، وهي امكانية الا يملكها الا القلائل جداً الذين التقيت بهم في حياتي فمعظم المتعلمين (البجا) لا يجيدون الفصل بين اللغتين في الخطاب الامر الذي يدخلهم في معاناة عن التخاطب مع مجتمعاتهم المحلية (الصرفة) . فقيدنا نشأ في محطة مسمار الواقعة بين عطبرة وهيا، وهي منطقة تتداخل فيها ثقافات النيل والجبال، ولها خصوصيتها التاريخية عند قبائل البجا حيث تلتقي فيها ثلاث قبائل رئيسية وهي الهدندوة والأمرأر والبشاريين ومن المؤكد ان ذلك منحه معرفة واسعة بمكونات النسق الثقافي المحلي، كما ان دراسته بالجامعة الاسلامية منحته معرفة بالثقافة العربية والعلوم الاسلامية فضلاً عن عمله السابق في مجال المنظمات الطوعية الذي منحه فرصة الاحتكاك بالعالم الخارجي والثقافة الغربية وزيارة بعض البلدان الاوروبية . عمل الفقيد وزيراً ولائياً للشئون الثقافية والاجتماعية في ولايتين احدهما في اقصي الشرق والاخري في اقصي الغرب وهما البحر الاحمر وشمال دارفور حيث عمل خادما لبلاده واهلها في هذه المناطق التي لا تخلو من صعوبة . رحمك الله اخي وصديقي محمد احمد اوهسين وادخلك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا. انا لله وانا اليه راجعون . لله ما اعطي ولله ما اخذ وليبقي الرب راضياً.

اليوم العالمي للمرأة وآراء عن المرأة السودانية

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ننشر صورة مضيئة عن بلادنا او بالأحري تعليقات عكسها كاتب بريطاني معاصر وهو بول كلامر عن المرأة السودانية وتعامل المجتمع السوداني مع النساء الغربيات اللاتي يزرن السودان. التعليقات نشرت في كتاب دليل سفر عن السودان صدر باللغة الانجليزية في العام 2005 حيث يقول: الغالبية العظمي من النساء المسافرات الي السودان يعكسن تجارب ايجابية، ويمكن اعتبار السودان بلداً آمناً للنساء اللاتي يسافرن لوحدهن، فمخاطر الجرائم والإعتداءات الجسدية الموجهة ضد النساء هي الاقل بالمقارنة مع دول الاقليم الاخري بل حتي بالمقارنة مع الدول الغربية. الاعتداءات المباشرة نادرة للغاية. يمكني ان أعكس تجربة السيدة آنك روهل وهي تكتب عن تجربتها في القيام برحلة مع صديقتها عبر مدن وقري وارياف السودان ركبن فيها اللواري والبكاسي حيث تقول : لقد قمنا بالكثير من الرحلات عبر بلاد اسلامية عديدة قبل زيارتنا للسودان لكن في السودان اخذنا وقتاً رائعاً للغاية وتجربة مريحة. السكان المحليين مهذبون جداً ولطيفين وكانوا كرماء جداً معنا دون المضايقات التي تعرضنا لها في بلاد اخري غير السودان). هذا هو الانطباع الغالب لدي معظم النساء المسافرات للسودان. في السودان تستقبل النساء المسافرات لوحدهن كضيوف في المنازل واحياناً يقوم بعض الرجال بدفع قيمة تذاكر السفر لهن علي سبيل المساعدة. في (اللاكوندة) وهي فنادق صغيرة ورخيصة الاسعار عندما تأتي نزيلة مسافرة يبذل مدراء اللكوندات كل ما يستطيعون لراحة هذا المرأة لدرجة تشعر فيها بانزعاجهم بسبب حرصهم لراحة هذه النزيلة او الضيفة وغالباً يتم تخصيص أفضل الغرف لها . من وجه نظري كرجل يمكنني القول ان المراة السودانية واعية ومنفتحة لدرجة لم اجدها في بلاد اسلامية اخري. في بعض البلدان يمكن ان تقضي رحلتك دون التحدث مع امراة محلية. في السودان تفاجات بنساء واثقات غير متهيبات بعضهن قمن بمبادرتي في التحية ودخلن معي في نقاش. ربما يرجع ذلك الي الطبيعة المتسامحة للاسلام السوداني بالاضافة الي الكرم المتأصل. بينما تلبس النساء السودانيات الثوب الذي يغطي معظم جسد المراة يمكنك ايضاً ان تري نساء من جنوب السودان يرتدين ملابس ضيقة باكمام قصيرة في وسط الخرطوم. 

الاسد


يحظي الأسد دون غيره من بقية الحيوانات بالاحترام الشديد من قبل الانسان. وترتبط صورته في مخيلة البشر بالرزانة والصبر والشجاعة. ولكن لماذا يحظي بهذه المكانة السامية دون غيره من مخلوقات الله غير المتكلمة، فهو غير مفيد البته حيث لا يستخدمه الناس في طعام او زينة او خدمة كما لا يتسم بكبر الحجم او حتي جماله. لعل ما يميزه هو الرمزية الراسخة في اذهان الناس وهي رمزية تكونت عبر صفات الاسد نفسه دون بقية الحيوانات الاخري، فهو حيوان عاقل لا يعتدي الا رداً لعدوان، ويأتي ذلك بعد تجاهل واضح للاعتداءات العابرة ، كما لا يتسم بالغباء او الحماقة او (قلة الادب) والمشاكسة والفوضوية او النهم والتسرع . قادتني الصدفة الي رؤية الاسد مرات قليلة ،بعضها في حدائق مغلقة كانت أولها في حديقتنا (المرحومة) بالخرطوم، أذكر حينها حاول البعض التلاعب معه ولكن صاحبنا تجاهلهم وكأنهم غير موجودين وهو يتبختر داخل قفصه او سجنه ، المرة الثانية بجنوب افريقيا وكانت المرة الاولي التي اشاهد فيها صاحبنا مطلق اليدين والارجل وانتابتني مشاعر الرهبة والخوف وهو شيء طبيعي من رجل صحراوي لا يفهم طبائع سكان الغابات وتقاليدهم ، سألت عامل المحمية ان كان لديه من التجهيزات مايلزم لو هجم علينا هذا المرعب وطمأنني ضاحكاً لا تخف يارجل فإنه شبعان ويريد النوم. وكان الأسد بالفعل راقداً علي جنبه ويرفع رأسه كل مرة ليتأكد من وجود هؤلاء البشر المزعجين الفضوليين بسياراتهم وكاميراتهم . وكانت تعليمات قائدنا بأن لا نتكلم الا همساً وان لا ننزل من السيارات . وكنا حينها مطمئنين للاسد ولكن تعترينا الخشية من صاحبته (اللبوة) التي ترافقه حيث ظلت تقف وترمينا بنظراتها المستمرة، ولم تركن للارض ولو هنيهة، وتذكرت حينها إحدي المقولات المشهورة عن النساء التي تقول: هناك شيئان لا يهدآن ابداً وهما السياسة والنساء.