الاثنين، 29 فبراير 2016

بين العبودية والحرية مساحات ضئيلة



الحرية قيمة براقة ورائعة يسعي اليها الكل ويتشدق بها الكل ، الساسة والاطفال والنساء وغيرهم ولكل تصوره لها وفهمه لطبيعتها. تحارب الشعوب من اجل نيل الحرية وتبذل في سيبل ذلك الارواح والمحج والتضحية في المال والاهل والوقت. كم من شعوب تدافعت حول هذا الهدف الكبير وبعدها اكتشفت انها لم تصل الي الحرية وبدات مرحلة اخري من السعي والرحيل الطويل . السؤال الذي يطرح نفسه، ما هي الحرية وما معناها؟
حسب فهمي المتواضع اظن ان الحرية هي ان تملك حق الاختيار في حياتك ومعتقداتك  ومعاشك  ولا يعني ذلك بالطبع التعدي علي حقوق الاخرين او تجاوز النظم والقواعد التي ارساها البشر علي مر السنون لتنظيم شئون حياتهم او القيم التي اتفقوا علي صلاحها لحياتهم ومعاشهم . الحرية تعني ان تشعر بالامان ولا تخشي من تعسف الاقوياء ، الحرية تعني ان تتحمل مسؤولية حياتك ولا تحتاج الي من يفكر نيابة عنك ويفرض عليك تصوراته ولا يعني ذلك بالطبع الخروج عن نمط التشاور الاجتماعي ، وتحطيم قيود التآذر الاسري.
تمثل العبودية هي المقابل المضاد للحرية وهي ان لا تملك حق الاختيار وان يكون شخصا يتحكم في مصيرك ويحدد اطار تحركك واقوالك وافكارك، وقد يكون هذا الشخص متحكما في انتاجك ويوجهه بالطريقة التي يريدها كما كان الحال في العبودية التقليدية التي كانت سائدة قبل القرن العشرين. لكن ما هي الاشكال الاخري من العبودية غير تلك التقليدية التي حاربها الانسان المتحضر وقضي عليها واصبحت من وصمات عار التاريخ البشري الذي كان فيه الاقوياء والاكثر تنظيما يقومون باستغلال اخوانهم البشر الاخرين في عملية تمثل كل اقسي درجات الرعونة والقسوة والانانية والتسلط.
لكن هل يختاركل البشر بارادتهم طريق الحرية ام منهم من يفضلون العبودية؟
نلاحظ في حياتنا كثيرون لا يملكون اردة الاحرار فهم لا يستمتعون بالحرية ولا يأبهون بقيمة الاحترام والتقدير ، فهم أشبه بحالة المريض النفسي الذي لا يجد المتعة الا في التعذيب الواقع عليها كما هو الحال في الشخصية المازوخية .
ونخلص من ذلك ان العبودية هي حالة مرضية اكثر منها نظام اجتماعي ، واعني بالعبودية التي تتجلي في عالمنا المعاصر حيث نري كثيرون من يجدون أنفسهم مرتاحين وهم يسلمون قيادهم لبعض السادة الذين يصنعونهم هم احياناً لانفسهم. هذا المريض لا يثق في نفسه ولا يطمئن علي خياراته فهو إنسان مضطرب المزاج يبحث عن من يتحمل عنه مسؤولية التفكير وإتخاذ القرار ، فهو إنسان إمعة سهل الإنقياد يمكن ان يوجهه اي شخص يقترب منه سواء كان اخاً او صديقاً او رئيساً او حتي مرؤوساً.
هناك مساحة ضئيلة بين الحرية والعبودية في عصرنا الحالي، فاحرص علي حماية حريتك واحمي نفسك من الوقوع في براثن العبودية الإختيارية.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

هامش الحرية الذي نعيش فيهي هو من اختيار كل انسان وكلا قادر علي ان يخرج من براثين العبودية الا من كان ضعيف او تم تنشيته علي ان يكون تابع لي اسياد اشخاص اسرة عشيرة قبيلة و هنا تاتي مشكلة الايمان الزائد بالولاء للجماعة حتى انها يمكن اتتداخل مع القرارت الشخصية .
الانسان دليل نفسة و خلق مخير

Omar Shareef H. EISA يقول...

شكرا استاذة امل على التعليق . لقد لقتتي انتباهي الي اشكالية الاثار السالبة للولاء للجماعة وهي مسالة جديرة بالإدراك والفهم . فالانسان جبل للاجتماع والشعور بالامن في الجماعة سواء كانت اسرة او قبيلة او رابطة عمل او عقيدة او سكن وغيره لكن يمكن ان تنعكس هذه الرابطة سلبا علي حريته وخياراته اذا لم يكن يمتلك القوة الكافية للاستقلال الذاتي في التفكير واتخاذ القرار لاسيما لو كانت ثقافة التنشئة في اطار هذه الجماعة غير صحية او تهيمن عليها افكار سطحية وغير بناءة. اتفق معكي في ما ذهبتي اليه في ان هامش الحرية وحجمها يصنعه الفرد لذاته وفقا لقدرته ووعيه وقويته.