السرقة سلوك بشري غير سوي . ينطوي هذا
السلوك علي قدر من الصفات السيئة واللئيمة مثل الأنانية، والخبث، والإنتهازية،
والعدوانية، والجشع. السارق يتطلع إلي كسب دون جهد، ويعمل علي الإستيلاء علي مقدرات الآخرين
وممتلكاتهم دون وجه حق ودون رضائهم وبطرق ملتوية. تسبب السرقة آثاراً ضارة علي
الحياة وعلي أمزجه الناس ونفسياتهم وحياتهم . السارق إنسان غير منتج وغير مفيد
البته للمجتمع والدولة فهو عالة علي إنتاج الاخرين .
التحليل النفسي للسارق يشير إلي جملة من
المسببات التي تقود صاحبها إلي إرتكاب هذا الجرم الشنيع ومنها أسباب تربوية ترجع
للأسرة والتنشئة فالانسان الذي لم يتربي علي معرفة خصوصية ممتلكاته والحد بينها
وبين ممتلكات الآخرين منذ الطفولة ينشأ أكثر ميلاً الي التعدي علي حقوق الاخرين
وممتلكاتهم . ومن الأسباب النفسية التي تساعد إلي إرتكاب السرقة حب التملك،
والرغبة الشديدة في الإقتناء، وكذلك الحرمان العاطفي والنفسي الذي يدفع صاحبه الي
تعويض هذا الحرمان عبر التعدي الخفي والعلني علي ممتلكات الآخرين. من التصرفات
الغريبة هو عدم شعور السارق بالذنب بسبب جرم تعديه علي ممتلكات الآخرين.
للسرقة انواعها وأساليبها منها سرقة الأشياء،
وسرقة الأفكار، وسرقة المنتوجات الأدبية ، وسرقة المكتسبات غير المحسوسة مثل الاسم
والسمعة . ومن أساليبها السرقة العنيفة التي تنتهج القوة، والسرقة الخفيفة مثل نشل
الجيوب، والسرقة الذكية التي تنتهج أساليب لا يشعر فيها المتضرر من وقع الجرم عليه
كما هو يحدث في السرقات الفكرية . شخصياً لم أتعرض لسرقة النشل في حياتي رغم أني
تعرضت لمحاولات إكتشفتها لاحقاً بتمزيق جيوبي لكن بحمد لله لم افقد شيء ثانيا
لانني كالعادة أكون حريصاً كل الحرص علي جيوبي وممتلكاتي عند ركوب المواصلات
العامة وإرتياد الاماكن المزدحمة بالبشر . لعل مرد ذلك ايضاً انني لا احب الاماكن المزدحمة التي ارتادها
مضطراً.
بعض السرقات رغم شنائتها تتصف بالطرافة
والغرابة، وتثير سخرية الناس الذين يتداولون قصصها ببعض النشوة عبر التعليق علي
قيمة المسروق او طريقة الإحتيال التي مارسها ممارسو السرقة . هناك سلسلة من قصص
هذه السرقات الغريبة. قرأت في الانترنت عن قصة سرقة جسر في أمريكا وكذلك سرقة
ماكينات ضخمة من مشروع عملاق في مصر ليتم بيع الحديد كخردة. في الخرطوم في العام
الماضي جرت عملية سرقة أثارت إهتمام الرأي العام المحلي حيث قام السارقون بانتحال
صفة رجال الشرطة ليقوموا بالاعتداء علي محل مجوهرات ولكن بحمد الله تمكنت الشرطة
من ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم.
يمكن القول ان عصرنا الحالي الذي يسمي بعصر
الخداع سمح بتنامي أنواع متعددة من هذه السرقات خصوصاً سرقات الإحتيال، والتزوير،
والتلاعب في المستندات والأوراق الثبوتية ، والتلاعب في تركيب الصناعات المتعددة
وغش المستهلك، وإستغلال التكنولوجيا في التجسس والإطلاع علي مقدرات الآخرين
وممتلكاتهم.
السرقة جريمة تسن القوانين لمحاربتها ومنع
وقوعها وإنزال العقاب علي مرتكبيها بعد إثبات حدوثها. لعل الشريعة الإسلامية هي الأكثر
قسوة وحسماً تجاه السارقين عبر فرضها حد السرقة الذي ينزل العقوبة علي العضو
البشري الذي يرتكب السارق عبره السرقة وهو اليد . وتتفاوت النظم العقابية تجاه أنواع
السرقة المتعددة بإختلاف المناهج والسياسات في الدول.
تري ما هي العقوبة التي ينبغي إيقاعها علي
من يسرقون حقوق الآخرين وأحلامهم وأفكارهم؟ وما هي العقوبة التي يستحقها الذين يسرقون
صحة وعافية الآخرين عبر بيعهم للسموم والأمراض ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق