قضيت يومين لا يمكن وصفهما الا بالروعة في
مدينة كورمند بغرب المجر وهي مدينة صغيرة لا يتعدي عدد سكانها العشرة الف نسمة الا
قليل، وتقع علي مسافة غير بعيدة من حدود المجر مع النمسا ن وتقع علي ضفاف نهر
الرايا القادم من مرتفعات النمسا ويصب في الجزء المجري من مجري الدانوب العظيم.
المناسبة كانت الاحتفال بيوم السودان في
هذه المدينة الصغيرة الوادعة ، وهو احتفال يقام كل سنتين وينظمه طبيب سوداني مقيم
في هذه المدينة وهو الدكتور عبد الحميد عبد الحي عابدين . الحضور كان كبيراً
وملفتاً حيث حضر العديد من السودانيين والمجريين ومن بعض الجنسيات الافريقية
الاخري مثل ارتريا ودول غرب افريقيا ومصر . جاءوا من انحاء شتي من وسط وشرق
اوروربا وغربها. جاء بعضهم من النمسا القريبة ومن جنوب المانيا وجمهورية التشيك
ومن هولندا وبريطانيا وبالطبع من مدن المجر الاخري مثل بودابست. جمع غفير من سكان
المدينة المجريين كانوا حضورا وفي مقدمتهم عمدة المدينة السيد بسبس استيفان الذي
اشاد في كلمته بهذه المناسبة التي قال انها اصبحت جزءا من المناسبات المستمرة التي
ينتظرها سكان كورمند بلهفة ، ويشاهدون عبرها ملامح من المزيج السوداني المتفرد من
حيث الفلكلور والموسيقي والعروض والمعارض المصاحبة للاحتفال مؤكدا دعم البلدية لها
النشاط . كان ملفتا للانتباه لنا جميعا رفع علم السودان مع العلم المجري في الساحة
الرئيسية للمدينة احتفاء ببدء اعلان الحدث وهي لفتة تعكس حجم القدر الذي تمثله
المناسبة في المدينة.
التقيت باحد العلماء الزراعيين المجريين
وزوجته الطبيبة حيث ذكر لي انني حضرت البارحة من كندا ولكن رغم الارهاق سافرت من
بودابست الي كورمند للمشاركة في المناسبة، وقص لي اعجابه بالسودان وشعبه حيث عمل
في مناطق متعددة في السودان في سبعينيات القرن الماضي في اطار مشروع مشترك بين
البلدين في مجال التطوير الزراعي في مناطق دارفور وامتداد الجزيرة والرهد. وقال لي
بكلمات مؤثرة انه زار اكثر من ثمانين بلدا لكنه لم يقابل شعبا ودودا مثل
السودانيين.
في بداية الحفل ، تم عزف السلامين الوطنيين
للمجر والسودان ومن ثم تحدث السيد عمدة المدينة معلنا بداية الاحتفال واشاد في
كلمته بالاحتفال واعلن عن دعم البلدية لاستمرار هذه الفعالية. ومن ثم تحدث السيد
السفير محمد حسين زروق سفير السودان لدي النمسا والمجر والتشيك وسلوفينيا
وسلوفاكيا، واشاد بالاحتفال وتطرق الي
علاقات البلدين التي وصفها بالمتميزة واعلن عن اتفاق البلدين علي تبادل التمثيل
الدبلوماسي المقيم ، كما اشار الي دور المجر في تعليم العديد من السودانيين عبر
المنح الدراسية والذين اصبحوا يشكلون الان حضورا في المشهد السوداني في كل
قطاعاته. كما تحدث من الحفل ممثل جهار السودانيين العاملين بالخارج مشيدا بقيمة
المناسبة ومعانيها. وقدمت عروض فنية من
قبل عدد من الفنانين الذين وجدوا تجاوبا من الجمهور.
تمثل المناسبة في حد ذاتها لفتة بارعة كما
ان استمرارها علي مدي عشر سنوات تؤكد مدي الجدية والالتزام الذي يتسم به القائمين
علي امر الاحتفال. فلولا حرصهم لما تم تنظيم حدث بهذا الحجم من التكلفة.