الأحد، 14 يونيو 2015

بورتسودان (قصة مدينة)

مبني بلدية بورتسودان

مدخل الميناء


يعكس الطراز المعماري لمدينة بورتسودان نمطاً فريدًا يجمع بين النموزجين الاسلامي والانجليزي  حيث بنيت منطقة السوق الكبير والمساجد القديمة ومبني امانة الحكومة ( المديرية سابقا) علي الطراز الاسلامي  فيما يظهر النمط الانجليزي والمتوسطي في مبني البلدية ( المحلية والمجلس التشريعي حاليا)  والمكاتب الادارية الحالية التي كانت منازل للاداريين البريطانيين ولكن بشكل عام يغلب النمط الاسلامي علي معمار المدينة  .
 ابتدر اللورد كرومر قنصل بريطانيا في القاهرة فكرة بناء المدينة . ومن ضمن المبررات وراء ذلك هو الرغبة في خلق ميناء يكون تحت الادارة الثنائية لحكومة السودان عكس سواكن التي خضعت للسيادة الخديوية وفق اتفاقية الحكم الثنائي للسودان .وافتتح الميناء رسمياً في 4 ابريل 1909 علي يد الخديوي عباس حلمي الثاني  بالإضافة الي  صاحب الفكرة اللورد كرومر قنصل بريطانيا في مصر .
الجدير بالذكر ان مرسي بورتسودان يعتبر واحد من افضل المراسي الطبيعية في الساحل السوداني وجاء ذكره علي عدد من البحارة ومنهم البرتغالي خوان دي كاسترو ، كما تمت تسميته من قبل قدماء اليونايين ثيوسيتيرون، ويذكر ان الاطلس الاغريقي اطلق اسماء لمراسي البحر الاحمر مثل برينيس (مصر) وبطليموس ثيرون (عقيق الحالية في السودان).
محلياً يطلق اسم برؤوت كمسمي للمدينة وهو اسم بئر كانت تقع في خور دم (بكسر الدال) الذي يشق المدينة جزئها الجنوبي من الغرب للشرق ويصب في الخليج الجنوبي للميناء الذي تشغله الان منطقة الحاويات. هناك تفسيرات لتسمية المدينة بمرسي شيخ برغوث وهي في الواقع راوية تشوبها بعض الأخطاء، فصاحب الضريح الموجود في مدخل الميناء من ناحية البحر اسمه الشيخ اوشي عاولي وينتمي الي احدى القبائل المحلية واسم شيخ برغوث ليس باسمه . لكن لا استبعد اطلاق هذه التسمية من قبل البحارة العرب في ذلك الوقت لان العديد من المراسي في ساحل البحر الاحمر لديها اكثر من اسم بعضها اطلقه البحارة العرب وبعضها اطلقها السكان المحليون (البجا) وبعضها اطلقها الإداريين البريطانيين والمصريين في فترات لاحقة.


الثلاثاء، 9 يونيو 2015

الكلاب في اوروبا



من أول الأشياء التي تلفت إنتباه الزائر للقارة العجوز،  الرفاهية التي تعيشها الحيوانات الاليفة وبالاخص الكلاب والقطط. تجدهم اصحاء نظيفين مدللين تبدو عليهم علامات الدعة والراحة والاستقرار النفسي ، . في مراكز التسوق تجد الاماكن المخصصة لعرض وبيع الاطعمة المخصصة لهم. 
علي كثرتهم من النادر ان تسمع كلباً ينبح او مكشراً اسنانه او جارياً بطريقة هستيرية كما هو حال الكلاب العالمثالثية . يبدو ان الحيوانات ايضاً يسبب لها التهميش القلق وفقدان التوازن والاضطراب كما هو الحال مع بني ادم.
الحيوانات الاليفة بالاخص الكلاب تتمكن من خلق درجة عالية من الارتباط باصحابها. هذه المودة تتحول الي اصحابها ايضا الذي يبادلونها الحب والوفاء.فهناك الكثير من القصص التي نسمعها عن وفاء الحيوان لاصحابه الامر الذي يعتبر درس في ادراك معاني الفضل والعطاء والمودة والتي ينكرها البشر في كثير من الاحيان رغم ما حباهم الله به من عقل ومنطق ورغم ما يقيد حياتهم من اسس ترتبط بالقيم والاخلاق والاديان .

السبت، 6 يونيو 2015

الاحتفال السوداني بمدينة كورمند بغرب المجر







قضيت يومين لا يمكن وصفهما الا بالروعة في مدينة كورمند بغرب المجر وهي مدينة صغيرة لا يتعدي عدد سكانها العشرة الف نسمة الا قليل، وتقع علي مسافة غير بعيدة من حدود المجر مع النمسا ن وتقع علي ضفاف نهر الرايا القادم من مرتفعات النمسا ويصب في الجزء المجري من مجري الدانوب العظيم.
المناسبة كانت الاحتفال بيوم السودان في هذه المدينة الصغيرة الوادعة ، وهو احتفال يقام كل سنتين وينظمه طبيب سوداني مقيم في هذه المدينة وهو الدكتور عبد الحميد عبد الحي عابدين . الحضور كان كبيراً وملفتاً حيث حضر العديد من السودانيين والمجريين ومن بعض الجنسيات الافريقية الاخري مثل ارتريا ودول غرب افريقيا ومصر . جاءوا من انحاء شتي من وسط وشرق اوروربا وغربها. جاء بعضهم من النمسا القريبة ومن جنوب المانيا وجمهورية التشيك ومن هولندا وبريطانيا وبالطبع من مدن المجر الاخري مثل بودابست. جمع غفير من سكان المدينة المجريين كانوا حضورا وفي مقدمتهم عمدة المدينة السيد بسبس استيفان الذي اشاد في كلمته بهذه المناسبة التي قال انها اصبحت جزءا من المناسبات المستمرة التي ينتظرها سكان كورمند بلهفة ، ويشاهدون عبرها ملامح من المزيج السوداني المتفرد من حيث الفلكلور والموسيقي والعروض والمعارض المصاحبة للاحتفال مؤكدا دعم البلدية لها النشاط . كان ملفتا للانتباه لنا جميعا رفع علم السودان مع العلم المجري في الساحة الرئيسية للمدينة احتفاء ببدء اعلان الحدث وهي لفتة تعكس حجم القدر الذي تمثله المناسبة في المدينة.  
التقيت باحد العلماء الزراعيين المجريين وزوجته الطبيبة حيث ذكر لي انني حضرت البارحة من كندا ولكن رغم الارهاق سافرت من بودابست الي كورمند للمشاركة في المناسبة، وقص لي اعجابه بالسودان وشعبه حيث عمل في مناطق متعددة في السودان في سبعينيات القرن الماضي في اطار مشروع مشترك بين البلدين في مجال التطوير الزراعي في مناطق دارفور وامتداد الجزيرة والرهد. وقال لي بكلمات مؤثرة انه زار اكثر من ثمانين بلدا لكنه لم يقابل شعبا ودودا مثل السودانيين.
في بداية الحفل ، تم عزف السلامين الوطنيين للمجر والسودان ومن ثم تحدث السيد عمدة المدينة معلنا بداية الاحتفال واشاد في كلمته بالاحتفال واعلن عن دعم البلدية لاستمرار هذه الفعالية. ومن ثم تحدث السيد السفير محمد حسين زروق سفير السودان لدي النمسا والمجر والتشيك وسلوفينيا وسلوفاكيا،  واشاد بالاحتفال وتطرق الي علاقات البلدين التي وصفها بالمتميزة واعلن عن اتفاق البلدين علي تبادل التمثيل الدبلوماسي المقيم ، كما اشار الي دور المجر في تعليم العديد من السودانيين عبر المنح الدراسية والذين اصبحوا يشكلون الان حضورا في المشهد السوداني في كل قطاعاته. كما تحدث من الحفل ممثل جهار السودانيين العاملين بالخارج مشيدا بقيمة المناسبة ومعانيها.  وقدمت عروض فنية من قبل عدد من الفنانين الذين وجدوا تجاوبا من الجمهور.  
تمثل المناسبة في حد ذاتها لفتة بارعة كما ان استمرارها علي مدي عشر سنوات تؤكد مدي الجدية والالتزام الذي يتسم به القائمين علي امر الاحتفال. فلولا حرصهم لما تم تنظيم حدث بهذا الحجم من التكلفة.

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

معارك الآمال القاتلة في لجج البحر .... صور مؤلمة عن سبل الهجرة غير الشرعية الي القارة العجوز



أتأثر كغيري بالحوادث المؤلمة المتكررة في البحر المتوسط ومناطق اخري في العالم ، والتي يروح بسببها شباب واطفال ابرياء . هذه العمليات ونتائجها تعتبر وصمة عار في تاريخ الانسانية.
يظل هناك تساؤلا يجب طرحه ، رغم ان المقام ليس مقام جدل وتساؤلات لكنها الحقيقة المرة التي يجب طرحها.
 هل تستحق الحياة في القارة العجوز كل هذه المجازفات والتضحية بالحياة ؟
رأيت عددا من المهاجرين في مدن اوروبا الكبيرة مثل باريس وروما وبودابست ولم يعجبني حالهم البته . رأيت بعضهم يتوسدون الارض في زمهرير الشتاء القارص المميت. رايت بعض منهم يلتحفون خرقا وثياب رثة في مدن الانوار والضوضاء .
المصيبة ان هذا الاتجاه اصبح نوع من البزنس الذي تقوم بتنظيمه عصابات مجرمة ويروح ضحيته شباب صغار. ذكرت الامم المتحدة ان الاف الرجال والنساء قضوا نحبهم في عرض البحر وهم يحاولون الوصول الي بر اوروبا وهي ارقام خرافية ومخيفة. قبلها قرأت في تحقيق صحفي عن هذا النشاط الغريب حيث ذكر احد اباء الضحايا الذي قضوا في الصحراء الليبية انه تاجر ووضعه المالي جيد ولم يحوج ابنه لاي مال ولكن رغم كل ذلك فان ابنه ذهب خلسة ودفع اموال لعصابات تهريب البشر والقوا به في صحراء لا ترحم انسان ولا حيوان ولا طير وفاضت روحه البريئة عطشا ووحشة. سمعت عن قارب غرق في عرض البحر الاحمر ويحمل مهاجرين من دول الجوار يحاولون الوصول الي بر العرب في السعودية عبر ظلمات البحر تحت ظلمات الليل وقضوا كلهم ولم يجد المنقذون الا لعب الاطفال البلاستيكية الطافية علي سطح البحر في منظر مؤلم للغاية. كلنا سمعنا عن الحادث الذي راح ضحيته شخصان وهم يحاولون الوصول الي بريطانيا مختبئين تحت شاحنة ولم يتمكنوا من مواصلة قبض الشاسية بسبب البرد وطول الرحلة فقضوا تحت اطارات الشاحنة.  
الامر يحتاج الي عمل توعوي كبير . لماذا يرمي الانسان نفسه الي التهلكة بهذا الشكل المهين المؤلم المميت ؟ ويدفع امواله لعصابات تستغل احلامه الغبية يبيعونه الوهم ويعرضون حياته للخطر في عرض البحر حيث الامواج والانواء والامطار في قوارب متهالكة يقودونها تحت جنح الليل ؟

الأحد، 31 مايو 2015

ميدان الابطال في بودابست


المجريون شعب فريد، وبلادهم حالة خاصة. لا تجد لهم اشقاء في محيطهم من الشعوب الاخري التي تجمعها غالبا اصول عرقية واحدة فالصرب والبوسنيين والسلوفينيين والكروات يجمعهم العرق السلافي وهكذا النمساويين والالمان يجمعهم العرق الالماني ويجمع الاصل اللاتيني بين شعوب منها الفرنسيين والطليان والاسبان والرومان . اما المجريون فقد هاجر اجدادهم من اواسط اسيا في القرن التاسع الميلادي،واقتطعوا لانفسهم وطنا وسط الاوروبيين. 
هذا النصب يمثل هذه الحالة الفريدة في التاريخ المجري حيث يتكون من سبعة فرسان يمتطون الحصين في  رمزية تشير لقيادات القبائل المجرية السبعة الذين قادوا ذلك التحول الناجح.