النخلة العنيدة
تقف هذه النخلة وحيدة وبعناد وشموخ، علي نقطة في الساحل السوداني بمرسي تباديب (شيخ أكد)، جنوب محمدقول. تمتد جذورها في مياه البحر المالحة، تستقبل صدى أمواجه، وتتمايل بهدوء عندما تلفحها الرياح
القادمة من البحر أو الجبال. لا أعرف
تاريخ ميلادها بالتحديد لكن شاهدتها شجيرة في تسعينيات القرن الماضي ثم
رأيتها في العشرية الأولى للألفية، فتاة فارعة القوام بكل جمالها تنتصب
بشموخ على شاطيء البحر، تفيض بالخصوبة، و يتساقط منها رطباِ جنياً حلو المذاق لم
يتأثر البتة بمرارة الظروف المحيطة بها. لقد حمتها العناية الإلهية من تعدي الجمال
التي تسرح في السهل الساحلي وتغوص أحيانا بأرجلها في مياه البحر لتقتات من أشجار
المانجروف الموجودة في هذه المنطقة. علمتني هذه النخلة عدد من الدروس. أولها إمكانية
تحدي ومقاومة ظروف الطبيعة عبر الإصرار والعزيمة. لقد قاومت هذه النخلة ملوحة الأرض
وملوحة البحر الأحمر وهو واحد من أكثر بحار العالم ملوحة، و لم تسمح بأن تؤثر هذه
الملوحة علي حياتها او إنتاجها من البلح. الدرس الثاني هو أن الأرزاق كلها ومنها الأعمار بيد الله وليست بيد
اي مخلوق، فهو الذي يعطي وهو الذي يحمي وهو الذي يأخذ عندما يريد أن يأخذ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق