السبت، 6 أغسطس 2016

السخرية : هل من فائدة؟

واحدة من السلوكيات غير المحببة او السيئة هي السخرية . فهي سلوك لا يتفق مع القيم السليمة والأخلاق لأنها تتخذ سبيلاً للإنتقاص من قدر الناس وخلق إنطباعات سالبة عنهم او ترسيخ تلك الانطباعات فضلاً عن الضرر النفسي المباشر الذي يقع علي ضحية السخرية بغض النظر عن وزنه وقيمته، فلايوجد إنسان يسعده بان يجد نفسه في موقع سخرية او إستهزاء ، فالبشر حساسون ناحية قيمتهم وتقديرهمن فكلهم حتي الاطفال منهم يحتاجون للإهتمام والتقدير ويبحثون عنه.
تتخذ السخرية اشكالاً عده تترواح بين السخرية اللفظية و سخرية الإيحاءات والإشارات بالاضافة الي سخرية الضحك. كما تتخذ اساليب عدة غير المذكورة انفاً منها تتفيه المهم ورفع مقام الموقف او الشخص لمستوى رفيع دون سند حقيقي. ومن أساليب السخرية الرسوم الكاريكاتيرية التي ترسل رسالة محددة قد تكون سياسية او غير ذلك او ترسخ ايحاءات وانطباعات نمطية محددة تجاه موقف او شخص.
يفرق الناس بين انواع السخرية التي يتقبلون بعضها ويتساهلون مع بعضها ويرفضون بعضها . هذا يشير الي انها سلوك ممارس من البشر في حياتهم، اي لا مناص من الفكاك منه رغم إعتراف الكل أنها غير محببة. من أنواع السخرية التي يتساهل معها الناس هي المتصلة بالمواقف التي تستحق السخرية منها لاعتبارات عدة لا سيما السخرية المنطلقة من منطق ينتقد موقف غير سليم  . كما يتساهل الناس مع السخرية التي تعكسها الرسوم الكاريكاتورية التي تنتقد مواقف سياسية محددة وفقاً لاتفاقها مع ميولهم واهوائهم تجاه تلك المواقف. وهذا ما يعكسه إهتمام الناس بمتابعة كتابات الصحفيين الساخرين او اصحاب الرسومات الكاريكاتورية الساخرة .
الانسان الساخر يتمتع ببعض الذكاء الذي يؤهله للملاحظة والتعليق علي الكلام او الموقف . فهو غالباً شخص نبيه وحاضر الذهن . التقيت اناس من هذه الشاكلة ، ودائماً يميل الناس الي متابعة تعليقاتهم في اللحظات المحدودة واحياناً ينقلون لهم الكلام او الخبر لمعرفة رد فعلهم تجاهه الذي يكون غالباً مضحكاً او ملفتاُ للانتباه ويتناقلونها بينهم في لحظات الانس.   الانسان الساخر رغم ذكائه الا انه في الغالب شخص غير منتج او مبادر واحيانا تجده غير جاد وهزلي ، وهي كلها صفات غير جيدة . ربما تكون واحدة من الآثار السالبة للمزاج الساخر المهيمن علي تفكيره الذي يجعله منتقداً لاي شيء .
رغم كراهيتي للسخرية ، ورغم محاولتي لعدم التفاعل مع التعليقات الساخرة اهتماماً او ضحكاً الا انني اجد العذر لكثير من الساخرين ، فكثير من المواقف في حياتنا تتطلب السخرية لانها تفتقد الي المنطق . فكثيرون يتقلدون مناصب لا تتفق مؤهلاتهم الشخصية والعلمية والاخلاقية مع مسؤولياتها الجسام ويظهر ذلك الضعف والارتباك في مواقفهم او سياساتهم او تصريحاتهم، وكثير من اساليبنا وتقاليدنا الاجتماعية تحتاج الي السخرية والانتقاد لانها لا تتفق مع منطق الاشياء وتصبح معوقاً  في طريق نمائنا وتطورنا.

 قد تكون السخرية اداة للتحريك ولفت الانتباه للافراد والمجتمعات  وهي الفائدة المحتملة من هذه الصفة السيئة. 

ليست هناك تعليقات: