الأحد، 1 سبتمبر 2019

الفساد.... بين الجريمة والثقافة


لا خلاف على جرمية الفساد. فإذا نظرنا الى تبعات الفساد نجد ما يكفى من الحجج التي تقتضي التعامل معه بهذا التوصيف بل وإيقاع أشد انواع العقاب ضد مرتكبيه. لكن السؤال الأهم هو كيفية تحديد ممارسات الفساد بدقة وتحديد أنواعه، وتوعية المعرضين للفساد والجمهور للوقاية منه. هناك بعض الممارسات التي يمارسها البعض دون إحساس في كثير من الأحيان أنهم يمارسون جريمة الفساد. ومن هذه الممارسات ما هو متعلق بالتساهل في تطبيق القوانين والنظم الادارية او التسيب في تنفيذها ، ومنها المحاباة والتطفيف في الميزان العدلى والإداري بإعطاء حق لمن لا يستحق والإنقاص من حق المستحق، ومنها المحسوبية وتبادل المنافع بين الموظفين وأصحاب النفوذ فيما بينهم ، بحجة أنها خدمة وتسهيلات متبادلة، ومن ممارسات الفساد تقريب الأقارب والمعارف وتسهيل حصولهم على المنافع من اجهزة الدولة وخدماتها بشكل لا يتوفر لمن لا يمتلكون الحصول على ذات الإمتيازات  بحكم بعدهم عن دوائر النفوذ والقرار والمعلومات المتصلة بهم. سنحاول في هذا المقال تقديم تعريف عن الفساد ، وتعريف انواعه وممارساته والإشارة الي أسبابه وآثاره. 
  تشير كلمة الفساد الي جملة من الممارسات والأفعال التي لا تتسق مع الذوق السليم والنية الحسنة والأخلاق الكريمة. وهي ممارسات ضارة بسلامة المجتمعات، ونزاهة السلطات القائمة علي الأمر العام. ونسبة لتعدد إستخدامات الكلمة، وتعدد المنطلقات المعرفية لدي الكتاب والباحثين الذين تناولوها، فقد أصبح من الصعوبة التوصل الى تعريف محدد لكلمة الفساد، فحتي إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهي الصك الأممي الوحيد المعني بمكافحة الفساد خلت من تعريف لكلمة الفساد حيث ركزت علي الأفعال والممارسات الفاسدة مثل الرشوة، والإختلاس، وتبييض الأموال المتأتية من الأنشطة الإجرامية دون تقديم تعريف محدد للظاهرة ككل، وتركت ذلك لتقديرات الدول في تشريعاتها الوطنية.  
بالذهاب الي المدخل اللغوي في تعريف الفساد، فإن الكلمة تستخدم بشكل عام للإشارة إلى كل ما هو ضد الصلاح والوضع الطبيعي او المثالي، فيقال فسد الشيء اي بطل و أصبح غير صالحاً للإستخدام فيقال فسد الطعام اي تلف، وفسد العقد اي بطل. .
هناك عدد من التعريفات للفساد في الدراسات الحديثة لاسيما الإدارية والسياسية والقانونية، وهي بشكل عام تتفق على وجود إساءة لإستغلال السلطة لتحقيق مكاسب ومنافع بطرق ملتوية وغير سوية.  يقول التعريف الشائع المستخدم من منظمة الشفافية الدولية للفساد بأن الفساد هو إساءة إستغلال السلطة لتحقيق مكاسب خاصة. هذا التعريف المختصر الجامع يشير لأركان عملية الفساد مع إبراز علاقة ممارسة الفساد بالسلطة والنفوذ بغض النظر عن نوع السلطة او مكان وجودها، فهي قد تكون في مؤسسات الدولة او في المؤسسات الخاصة.  فالفساد ليس حكراً على مؤسسات الدولة، فيمكن ممارسته في القطاع الخاص عبر القائمين على أمر هذه المؤسسات الخاصة عبر التلاعب في النظم الإدارية والمالية للمؤسسة، او المحسوبية في التوظيف والإستخدام، او إرساء الخدمات والمعاملات لعملاء محددين دون غيرهم، او المساهمة في إفساد المؤسسات الحكومية بتقديم الرشاوي، او التورط في غسل الأموال وتوظيف الأموال المشبوهة والأموال ذات المصادر الإجرامية.
من حيث الحجم والانتشار، يمكن تقسيم الفساد الى لقسمين هما: الفساد الكبير او الأكبر ويظهر دوماً في الأنظمة التي تغيب فيها معايير الشفافية. خطورة هذا النوع من الفساد هو تأثيره على الحياة العامة بشكل عام، وفي توزيع الثروة على أسس خاطئة، وفي تقييد القوانين او التلاعب بها، وتكليفه للدولة مبالغ ضخمة. معاملات الفساد هنا تكون في المشتريات العمومية، وفي نظم إرساء العقود والمناقصات، وكذلك في المبيعات العامة بما فيها الموارد الطبيعية المختلفة.  ويمارسه مسؤولون من الدرجات والمسؤوليات الكبيرة. اما النوع الثاني فهو  الفساد الصغير و يظهر عند المستويات الدنيا من الموظفين، وهو لا يتعدى الحصول على منافع مالية بسيطة او هدايا نظير تقديم خدمات حكومية عادية او إستخدام العلاقات الشخصية في تحقيق مكاسب مالية وغير مالية. وهو رغم أنه أقل خطورة من النوع الأول إلا أنه يتضمن مخاطر كبيرة علي ثقافة النزاهة والإنضباط المطلوبين لدي موظفي الدولة، وهو مدخل للفساد الكبير بحكم أنه يساهم في إستسهال الإستفادة الملتوية من الأموال العامة وخلق مناخ إجتماعي وثقافي يتعايش مع الممارسات  الفاسدة، والتلاعب بالقوانين والتسيب في تنفيذها.
للفساد صور عدة ومظاهر شتى، ومنها  الفساد السياسي، ويقصد به الفساد الذي يؤثر على النظام السياسي والعمليات المتعلقة بالحكم وإدارة الدولة، وهو نوع خطير من الفساد بحكم كونه يقود لتبعات سالبة على إستقامة النظام السياسي وسمعته ونزاهته. من مظاهر الفساد السياسي مخالفة القواعد والأحكام التي تنظم إدارة الدولة والنظام السياسي والتحايل علي النظم والقوانين وإستخدام الأساليب الملتوية في الانتخابات منها التزوير بما يقود لتمثيل غير حقيقي في المؤسسات النيابية وتشويه الممارسة الديمقراطية عبر عمليات شراء الاصوات والولاءات بصور غير مشروعة،  وتحكم الحكام والمسؤولين في الموارد العامة وتوجيهها بطرق خاطئة، وتقويض ثقافة المساءلة والشفافية . ويكون هذا النوع أكثر وضوحاً في النظم الشمولية التي يتحكم فيها شخص او مجموعة في القرار، كما يمكن أنه ينتشر في النظم الديمقراطية لا سيما عبر التلاعب بنتائج الانتخابات. وهناك  الفساد الإقتصادي والمالي وهو الإنحراف في تطبيق القواعد والنظم المالية، والتلاعب في المستندات المالية، وفئات الموازنة العامة، وفي التقارير المالية بتضمينها معلومات متحيزة وغير سليمة بما يساهم في تغطية الفساد وإخفاء البيانات المتعلقة به.  وتوجد صورة اخرى من الفساد وهو  الإداري وهو وثيق الصلة بالفساد السياسي والفساد المالي، ويتمثل في عدم التقيد بالنظم الرقابية والمحاسبية وإنتهاكها والتلاعب بها. خطورة هذا النوع من الفساد في تأثيره السالب علي مهنية وإنضباط الأجهزة الادارية في الدولة. واخيراً يوجد الفساد الإجتماعي والإخلاقي وهو إنتهاج ممارسات لا يقبلها الذوق السليم والأخلاق والأعراف السليمة.
هناك انواع عديدة من اساليب الفساد يمكن تحديد اشهرها في الرشوة، وهي أبرز أنواع الفساد وأكثرها ممارسة، وغالباً ما تكون في صيغة تقديم مقابل مالي لموظف او مسؤول نظير السماح بإنتهاك القانون او السكوت عن مخالفة. وفي مجملها، إتفاق بين طرفين لإنتهاك القانون وأحياناً يكون بينهما وسيط. وتعطى الرشوة لإبطال حق او لإحقاق باطل. كما تعرف ايضاً بأنها إتجار الموظف العام في أعمال وظيفته بتقاضيه او قبوله او طلبه مقابلاً نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته او إمتناعه عنه. وهناك ممارسة  الإختلاس، وهي ايضا ترتبط بالسلطة والنفوذ  عبر قيام موظف او مسؤول بإستغلال صلاحياته في تحويل ملكية أموال او أصول غير مالية لمصلحته الخاصة دون وجه حق، اي بمعني الإستيلاء عليها. ومن ممارسات الفساد، الإبتزاز ويعني إستخدام الصلاحيات التي توفرها السلطة لإجبار شخص لفعل شيء في مصلحة الشخص صاحب السلطة، اي القيام بالتهديد بكشف معلومات معينة عن شخص، او التهديد بإلحاق الاذى المعنوى او المادي بالشخص الخاضع التهديد إن لم يقم بالإستجابة الى بعض او كل طلبات الشخص المبتز، فالابتزاز ايضا يترتبط بالنفوذ واستغلاله في الحصول على الرشاوي والمكاسب. ومن ممارسات الفساد، الغش والإحتيال والمقصود بالغش هو الخداع الذي يتسبب في حرمان شخص او مجموعة من حقوقهم او المنفعة بطرق احتيالية، واستفادة المحتال او الغشاش من عملية الغش بمعني التلاعب في الأوراق الرسمية او الماركات التجارية او إخفاء الخلل في البضاعة او المنتج بغرض خداع المستهلك او استلام البضائع او الحصول على الخدمات وتقديم شيك مالي على حساب لا رصيد فيه نظير ذلك. هناك صورة اخرى من الفساد المرتبط بالسلطة وكذلك بالثقافة وهو فساد المحاباة والمحسوبية  والمقصود بهما إستغلال السلطة في تقديم خدمات تفضيلية للاقرباء والاصدقاء وتسهيل حصولهم على الخدمات او الوظائف او غيره من المنافع استناداً على قربهم من المسؤول متجاوزين الآخرين الذين لا يحظون بهذه العلاقة. كما تعني المحسوبية تبادل الخدمات مقابل الدعم السياسي بين اعضاء المجموعة المتنفذه سواء في السلطة او قطاعات الاعمال او الجهات المؤثرة مثل الاعلام والاحزاب. ومن ممارسات الفساد التلاعب في المستندات ويحدث التلاعب في المستندات غالباً بغرض إخفاء عمليات السرقة او التجاوزات والمخالفات المالية او الادارية، كما يمكن ان يحدث لتغطية جرائم الإختلاس والسرقة عبر التلاعب في المستندات المالية حتي يصعب علي المراجع المالي والاداري اكتشافها. و تعتبر جريمة تبييض الأموال من أخطر ممارسات الفساد  في عصرنا الحالي، فالمقصود بغسل وتبييض الأموال هو إعادة إستخدام الاموال ذات المصادر المشبوهة والمحرمة في أنشطة مشروعة بغرض اضفاء شرعية عليها، ويتم هنا استغلال شركات ومؤسسات مالية قائمة او انشاء أعمال تجارية لاستيعاب هذه الاموال او نقلها لدول اخرى بغرض التبييض وابعادها من مناطق مصادرها الاصلية.
بما ان الفساد ظاهرة تتداخل فيها جملة من العوامل، يتطلب تحليله وتشخيصه قدر كبير من المرونة التي تسمح باستخدام عدد من المقاربات بما فيها الابعاد الاجتماعية والثقافية والسياسية والقانونية والاقتصادية. وبالطبع هناك عدد من الاسباب التي تسمح بظهور هذه الظاهرة وتناميها وتطورها ويمكن تلخيصها في بعض الأسباب المتعلقة بالنظام السياسي ونظم الإدارة العامة وأسباب أخرى متعلقة بغياب التوعية وضعف ثقافة النزاهة . من اهم الاسباب والدواعى هشاشة النظام السياسي، وضعف مؤسسات ونظم الرقابة السياسية والادارية والمالية ، وغياب المساءلة بكل صورها او بعض صورها، ووجود ثقافة متساهلة في التعامل مع القوانين والنظم والاموال العامة، والمركزية المطلقة في ادارة المؤسسات العامة وتكدس السلطات والصلاحيات عند شخص محدد ومستوي محدد بما يسمح له باساءة الاستغلال، وقصور تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث ( القضائية، التنفيذية، التشريعية) الذي يسمح بمراقبة السلطات لبعضها البعض،  وإنعدام الشفافية في القطاعين العام والخاص والعمل بنظام سرية المعلومات وحرمان الجمهور من الاطلاع عليها، وضعف وسائل الاعلام والمجتمع المدني،  وضعف التشريعات واللوائح التي تنظم العمل الاداري والمالي، وضعف الكفاءة المهنية والإلتزام باخلاقيات المهنية لدي المسؤولين والموظفين وصناع القرار الامر الذي يجعلهم عرضة للفساد، وغياب القدوة المهنية لدي قيادات الخدمة العامة والمسؤولين في الدولة المتمثلة في الانضباط والالتزام باللوائح والحرص علي النزاهة والبعد عن الشبهات والمحاباة الأمر الذي يساهم في تشجيع صغار الموظفين في الخدمة العامة في استسهال ممارسات الفساد. ومن الأسباب المؤذية للفساد ضعف الرواتب لموظفي القطاع العام مما يساهم في جعلهم عرضة للرشي، واختلال موازين توزيع الثروة بين افراد المجتمع وغلبة الشعور بالغبن لدي افراد المجتمع مما يدفع بعضهم الي ابتداع وسائل التربح غير المشروع والارتشاء واختلاس الاموال العامة كمحاولة فردية او منظمة غير مشروعة لاعادة التوازن،  وضعف الوعي بخطورة ممارسات الفساد واضرارها لدي الموظفين وصناع القرار والمواطنين الامر الذي يساهم في تورط بعض الموظفين في ممارسات الفساد دون وعي وادراك بمخاطرها او علم انها بالفعل رشوة ( جريمة) تترتب عليها مسؤوليات امام القضاء مثل المحسوبية والاتجار بالنفوذ وتمرير التسهيلات واستلام الهدايا العينية والمبالغ البسيطة.
وتقود كل هذه الممارسات الفاسدة الى إنعدام او إهتزاز الثقة في النظام السياسي والاجهزة العدلية والنيابية بما يقود الي تصاعد السخط الذي يقود للتمرد والعصيان والخروج علي الدولة والنظام، وتؤثر سلباً على عملية البناء الوطني. كما تؤثر هذه الممارسات علي تماسك نسيج المجتمع وتقود الى سلوكيات غير صحية مثل انتشار الانانية وضعف الانتماء الجماعي والاحساس بالمسؤولية العامة وانتشار روح الاحباط مما يؤثر سلباً على الانتاج والمبادرات. ويقود إستمرار ممارسات الفساد الى تفشي ثقافة متساهلة مع عدم الانضباط والإلتزام  بأخلاقيات العمل والقيم السمحة وشيوع حالة ذهنية تبرر الفساد. ولايقف أثر الفساد السياسي والاداري على  إفساد مؤسسات الدولة فقط بل تنسحب أمراضه لتغطي قطاعات أخرى حيث يساهم في إفساد وسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية عبر تكوين شبكات علاقات مصلحية بين المسؤولين والسياسيين ورجال الاعمال الفاسدين وقادة وكوادر هذه المؤسسات واستغلالهم في تغبيش وعي المجتمعات وتبييض أعمال المسؤولين ورجال الأعمال الفاسدين وتقديمهم في ثوب رجال صالحين للمجتمعات.
في نهاية المقال نخلص الي أن عملية التصدي للفساد تتطلب نهجاً متكاملاً يتناسب مع المشكلة نفسها في أبعادها المؤسسية والثقافية وان لا يتم التعامل مع الأمر باعتباره سلوكاً مصحوباً فقط بالدولة والحكم ، فالقضية ترتبط بالثقافة السلوكية المجتمعية في المقام الأول ، كما أن الفساد يظل احدى القضايا التي تواجه كل العالم والمجتمعات بغض النظر عن نموها وتطورها ويأخذ اشكالاً مختلفة في كل بيئة، فهو في جوهره نابع من غرائز الانسان في الإنانية، وحب التملك، والخوف.

الجمعة، 30 أغسطس 2019

Decentralization Policies in Africa’s State: Comment on the Practices


Decentralization is a political and administrative system. It gives governmental entities a sort of autonomy with more power and resources. The power distribution system is done according to legal and administrative arrangements. Decentralization is also used by bigger private companies to facilitate their operational works.
In some African countries such as Ethiopia, Sudan and Nigeria, decentralization has been adopted as a main part of the political and administrative reform policies with the aim to tackle the issues of national integration and development. Although there has been some success with this policy, there is also need to evaluate the process. The aim of the proposed assessments is to secure the best application of this system which is described as a sensitive approach by some elite members.
There are several positive impacts of the decentralization application in Africa such as absorbing the local ambitions in participating in the governance system. This element is highly important in the context of national unity. The competition between the local decentralized entities has accelerated the development and the delivery of services in education, health and infrastructure.
The criticism of decentralization focuses on its impact on weakening the common sense and national affiliation among the countries populations. This could result in secession of some parts of the countries especially the economically important and richest areas. Another criticism is to the weak administrative capacities of the decentralized units, compared to the national federal authorities in the capital.
The issue of the decentralization will remain one of the most crucial elements in the political arena in Africa. An evaluation process is important but it should be done according to a clear vision and a constitutional framework. The stability of the legal structure is important for the life of any state.  
       

       

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

What is behind the crime


Crime like the rest of human behaviors can be subject to studies, justifications and predictions. The increase of crimes and level of violence in certain areas and within certain age groups, shared ethnical and cultural backgrounds is subject of much research. There are different reasons for the increase of the crimes and violence in the current world. Some of these reasons are related to the economical and socio-cultural contexts and some related to the legislation and crime combating policies and tools.
The increasing demands in urban life are important factor which should be considered in the analysis of crime. The gap between the increase of needs and income flow has negative results in individuals’ moods and behaviors. These factors can be addressed through comprehensive income increase and public services provision policies.
Unemployment is another important factor in the increase of crime. Growing numbers of young people are unemployed and consequently they lack sufficient income and social satisfaction. This may lead to an increase in violence as it has been illustrated in different views. This problem can be solved via different interventions which include education and training policies. Adopting statistical, result-based policies in dealing with unemployment, supporting income generating creative initiatives and adopting a multidisciplinary approach for creating jobs and expanding the labor opportunities are highly important steps to solve the unemployment problem. Several young people who had violent tendencies have changed their behaviors after gaining stable work opportunities and creating their own personal family life. There is also need to consolidate the linkages between educational-training policies with the growing needs of the labor markets in order to increase the opportunities of youth employment.
Education is another important issue for all aspects of life and poor education can lead to an increase in crime. There is continuous need for developing education to meet the requirement of the labor market and economical and social life. The promotion of tolerance, problem-solving and critical thinking are essential factors to make tolerant communities and this starts from the education system. TV programs, media and movies are also public educational tools that affect the behavior of people. Some media services providers which only want profits focus on violent actions. These programs should be directed through the legislation to provide less violence and more dialogue promoting products. The spread of a tolerance culture amongst people in communities and religious entities is very important.
The aforementioned polices focus on crime prevention aspects. These policies should be adopted in parallel with maintaining the efficient means in dealing with crime after it occurs. There should be strong punishment and reform policies in place. Investigation and prosecution tools should be strong and efficient in order to enable the criminal justice system to detect and punish all crime offenders.

الخميس، 22 نوفمبر 2018

إستانبول (الإستانة/ القسطنطينية/بيزنطة): مجد الماضي والحاضر والمستقبل



إستانبول بكل اسمائها القديمة والجديدة مدينة لا يمكن وصفها الا بكونها ملتقي الشرق والغرب ، فهي مدينة أوروبية بجغرافيتها وتاريخها، ولكنها مدينة شرقية بسكانها وثقافتها.  مدينة تعني الكثير للكل . للعرب والمسلمين فهي عاصمة الخلافة الإسلامية العثمانية ، اي المهد الأخير للكيان الجامع قبل ظهور الدولة القومية ، فالخلافة بغض النظرعن صحة وواقعية وفاعلية نظامها السياسي والاداري الا انها شكلت رمزية  في تاريخ المنطقة يختلف الناس حولها ويتفقون . اما أهل أواسط آسيا حيث جذور تركيا العرقية ، وتركستان التاريخية فلن ينسوا ان بعض أجدادهم قادوا تحولاً ناجحاً في تاريخهم ووسعوا نفوذهم الي الغرب حيث تركيا الحالية.  اما لأهل اوروبا ستظل استانبول المدينة الأوروبية التاريخية بحكم الجغرافية وبحكم آثار التاريخ البيزنطي والتي ستظل حية وتحكي عن تاريخها القديم. ولأهل روسيا الذين لن يتجاهلوا حقيقة ما يمثله البحر الأسود الذي يربطهم بالمياه الدافئة والعالم عبر استانبول حيث مضيق البسفور وبحر مرمرة ومضيق الدردنيل وصولاً لبحر ايجة والمتوسط . وهذه القيم المختلفة هي التي  تفسر التزايد الكبير لعدد السياح الزائرين للمدينة  مع حقائق أخرى منها كرم وحسن ضيافة الأتراك وذكائهم المهني والتجاري الذي مكنهم من تحويل كل هذه المزايا لعناصر للجذب السياحي وفي تسويق مدينة مهمة في مقام استانبول.
يظهر في الصورة مسجد السلطان احمد من بعيد

المدينة مكتظة بشكل كبير حيث يصل عدد سكانها الي اكثر من ال15 مليوناً من الأنفس ولكنها منظمة بالشكل الجيد فحالها اشبه بحال العاصمة غير المعلنة في واقع المدن التي تتفوق في اهميتها ووزنها علي عواصم بلدانها مثل جوهانسبيرج في مقابل بريتوريا في حالة جنوب افريقيا وابوجا في مقابل لاغوس في حالة نيجيريا وهنا تتفوق استانبول علي  انقرة كثيرا في اهميتها ووزنها وقمتها وقوتها وعنفوانها وبل في سحرها السياحي. من السهولة التحرك بين أجزاء المدينة المختلفة عبر الطرق والجسور والأنفاق. الملاحظة المهمة هو القدرة الهائلة في إدارة الخدمات والنظافة في هذه المدينة المكتظة وهي ميزة يجب ان تجد الإشادة.
ميدان تقسيم هي المنطقة التي إخترتها لسكني في الفترة القصيرة التي قضيتها بالمدينة حيث استقليت فندقاً بالقرب من الساحة. حاولت أن أعرف معني كلمة تقسيم التي تنطق تاكسيم في التركية فوجدتها تعني منطقة تقسيم المياه ، فالمعني هو ذات المعني العربي للكلمة. من الملاحظ وجود عدد كبير من الكلمات العربية في الدارجية التركية، وتسمعها علي ألسن الاتراك خصوصاً الكلمات ذات الطابع الديني وعبارات المجاملات . حدثني أحد سكان إستانبول أن الكلمات العربية كانت تشكل النسبة الأكبر في مفردات اللغة التركية العثمانية، وهي اللغة القديمة التي كانت تستخدم في المكاتبات في الإمبراطورية العثمانية، وقد تعرضت تلك اللغة للمراجعة في إطار سياسات اتاتورك الثقافية  في الفترة التي أعقبت إعلان الجمهورية التركية .  فقد لاحظت ذلك في الكتابات علي جدران القصور العثمانية حيث كتبت بعض العبارات والأشعار التي يمكن لقاريء اللغة العربية التعرف بسهولة على معانيها العامة.
نصب الجمهورية في ميدان تاكسيم
في مدخل ميدان تقسيم يقف نصب الجمهورية  الذي يؤرخ لرموز الدولة القومية التركية ومنهم الزعيم مصطفى كمال اتاتورك . فهؤلاء الرجال لا شك انهم يحظون باحترام الشعب التركي . قد يكونوا إتخذوا مواقف قوية في لحظات تاريخية ، او كانوا اوفياء للمباديء والقيم التي دافعوا عنها، او قدموا من التضحيات مايكفي بان تظل ذكراهم محفورة في ذاكرة الشعب . إسم اتاتورك وهو لقب منح للأب المؤسس للدولة القومية التركية  الحديثة مصطفى كمال  ومعناها أب الاتراك ستجده يتردد كثيراً في تركيا. عند زيارتك لتركيا سينتظرك  في إسم المطار الأكبر في البلد ، كما ستجد صورته علي العملة التركية ( الليرة) . قرأت في أحد كتب الاستاذ عباس محمود العقاد تمجيداً  للشخص حيث  يصفه بالزعيم الكبير.  فأتاتورك كغيره من الزعماء السياسيين الذين يختلف الناس عليهم بين كاره ومحب كرد فعل لسياساتهم وافكارهم ومواقفهم. ربما ينظر المختلفين معه الي تبنيه لسياسات هدفت لقطع صلات تركيا بالعرب والمسلمين ومنها تبني المباديء العلمانية المتطرفة ( فالعلمانية كالتدين يمكن أن تصل لمرحلة التطرف) ، ومنع إستخدام الحرف العربي في الكتابة التركية، وإحياء اللغة التركية الأصلية علي حساب التركية العثمانية التي تعرضت لعمليات واسعة من التنقية والتصفية ، وتصفية المؤسسات الدينية التعليمية، ومنع ارتداء الحجاب. فيما يركز محبيه على جوانب اخرى في سياساته . فالرجل لا شك انه زعيم صنعته ظروف واقعية والا لما وجد الالتفاف والسند من  الجمهور التركي ، ولاشك انه ساهم في معالجة مسائل مهمة لم تستطع الخلافة العثمانية في معالجتها وهي في طورها الأخير ، كما إنه نجح في التصدى لمخاطر كانت تهدد تركيا عقب الهزيمة أمام جيوش الحلفاء، عبر التمكن من ملء الفراغ التي خلفه إنهيار الإمبراطورية العثمانية بإعلان الجمهورية وحماية الكيان التركي في لحظة ضعف تاريخية كانت فيها البلاد واراضيها مكشوفة امام الاعداء والخصوم والمنافسين. فالرجل حكم تركيا وترك بصماته رغم انه غادر الحياة شاباً لم يزل في مرحلة العطاء حيث توفي عن عمر 57 عاماً. فقرائتنا لمجمل الاحداث التي ارتبطت بالحرب العالمية الاولي ، وحالة الانقسام الحاد في مواقف العرب والاتراك الي ضدين او خصمين في تلك الحرب تمنحنا تفسيراً لحالة الشك والمرارة التي انتابت الاتراك تجاه العرب، وزاد ذلك مرارات الهزيمة وهي الظروف التي سمحت باصلاحات اتاتورك الموجهة ضد الثقافة العربية والاسلامية في ظل قبول او خنوع من الشعب في تلك الفترة.
احدى بوابات قصر طوب قابي
من أهم معالم استانبول قصر طوب قابي ( قصر الباب العالي) ، وهو مقر السلاطين العثمانيين في فترات تاريخية طويلة. وطوب قابي تعني قصر المدفع في اللغة التركية ، كلمة طوب مفردة مألوفة في السودان لاسيما في منطقة البحر الاحمر حيث تجد كثير من الأسر التي ترجع جذورها للاتراك ويلقبون محلياً  بالطوبجية ، فكلمة طوبجية تعني جنود المدفعية ، فربما كان الجنود الاتراك في الجيوش العثمانية يحتفظون بادارة المدافع باعتبارها أقوى الاسلحة  في تلك الفترة . يقع القصر في موقع متفرد على هضبة عالية تطل علي بحر مرمرة ومضيق البسفور ، فالموقع الشاعري الرهيب يمكن الزائر من رؤية اطراف المدينة واجزائها الاوروبية والاسيوية . يتضمن المبني عدد من المواقع الاثرية مثل غرف الحكم والسكن للسلاطين واسرهم . من الاشياء التي تسترعي إنتباه الزائرين الغرفة الخاصة التي تعرض بداخلها بعض المقتنيات التاريخية ومنها بردة النبي محمد ( صلي الله عليه وسلم) وشعيرات من شعر لحيته موضوعه في قارورة صغيرة، كما تجد عصا سيدنا موسى عليه السلام، وسيف الامام علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهه) . للمكان هيبته، و تنتابك مشاعر الرهبة وانت تدلف هذه الغرفة التي لا يسمح فيها بالتصوير ويفرض علي النساء تغطية ارجلهن تقديرا للمكان المقدس او الذي يحتوي آثار مقدسة. السؤال الذي يدور بذهن الزائر هل هذه الآثار حقيقية ؟ ام مختلقة ومصنوعة . لا أملك إجابة ولكنني أظن أنها حقيقة لاسيما وان الراوية السائدة تشير الي نقل احد السلاطين العثمانيين في فترة سطوتهم لهذه الاثار من بلاد الشام الي تركيا لتأكيد مركزية دولته وإهتمامها بالآثار الدينية وهو السلطان سليم الاول.
 
متحف آيا صوفيا
متحف آيا صوفيا معلم إستانبولي بامتياز يحرص الكل للوقوف عنده لعدة أسباب أولها لقيمته التاريخية وحكايته عن تاريخ المدينة بما في ذلك التحول الكبير الذي حدث بتمدد الاتراك الي هذا الشطر الاوروبي من تركيا الحالية والتحويل الدرامي للكنيسة الي مسجد علي يد السلطان محمد الفاتح في 1453 ميلادية ومن ثم مرة اخرى لمتحف حيث هي الان علي يد اتاتورك في العام 1935 ، وثانيا لفخامة المبنى وجماله حيث يتقاطر الزوار لاخذ الصور التذكارية أمامه وبين جدرانه. بنيت كنيسة ايا صوفيا علي يد الامبراطور الروماني جستنيان في العام 532 ميلادية وسميت بهذا الاسم الذي يعني  مكان الحكمة المقدسة . من الملاحظ ان العثمانيين رغم تحويلهم غرض المكان من كنيسة الي مسجد لكنهم لم يقوموا بتحطيم الرسومات الكنسية في المسجد ، فقط اضافوا عليها بعض الرموز المعمارية الاسلامية وهي المحراب والمأذن الاربعة علي الطراز المعماري التركي واسماء النبي الكريم واسماء بعض صحابته وايات من القرآن الكريم وهي نقطة جديرة بالملاحظة وبل التقدير لان التقاليد الشائعة لدي المسلمين السنة هي تحريم تعليق الصور والرسومات في المساجد ويبدو ان حسن تقدير المعمار وفنياته كان متوفرا لدي القادة الاتراك وبالتالي قاموا بتغطية هذه الرسومات بدلاً من ابادتها وتم الكشف عنها مرة أخرى وإستخدامها بعد تحويل غرض المبنى من مسجد الي متحف في اطار اصلاحات اتاتورك في 1935 . لا زالت الإتجاهات الدينية الإسلامية والمسيحية تتمحور حول هذا المبني في محاولة لاصباغ هوية محددة له ، ففي زيارة لبابا الفاتيكان للمتحف قام باداء طقوس دينية في إشارة الي انها كنيسة ،  كما حاولت مجموعات منظمة من الاتراك بتجميع توقيعات لاعادة تحويل المتحف الي مسجد مرة اخري وقاموا باداء صلاة الفجر فيه ، الا ان السلطات التركية رفضت الدعوات لاعادة إستخدام المتحف كمسجد وطرح الرئيس التركي اردوغان هنا رأياً منطقيا حينما قال ان لا توجد حاجة لتخصيص مسجد آخر في هذه المنطقة التي يتوسطها مسجد السلطان احمد الكبير وهو يقع في مقابلة متحف آيا صوفيا ويتسع لكل زوار المكان على كثرتهم . الملاحظ ان محاولات تغيير المتحف الي مسجد مرة اخري قوبلت بتعليقات رافضة من دول ذات صلة تاريخية بالمكان وهي اليونان وروسيا.
المسجد الازرق ، اي مسجد السلطان احمد احد اهم معالم استانبول التي يحرص اي زائر للوقوف عندها والتقاط الصور وتذكر التاريخ العثماني . وتحمل المنطقة الاثرية التي تشمل قصر توب قابي ومتحف ايا صوفيا وغيرها من المعالم اسم منطقة السلطان احمد. المبني له من الفخامة ما يكفي وتحيط به ستة مآذن علي الطراز المعماري التركي وهي مآذن اسطوانية الشكل مخروطية القمة ويمكن رؤيتها في اغلب مساجد تركيا. يقال ان السلطان احمد و للتغلب علي الإنتقادات التي طالته بسبب بناء مسجد بستة مآذن بذات عدد مآذن المسجد الحرام بمكة المكرمة قام ببناء مئذنة سابعة في المسجد الحرام .
مضيق البسفور يمنح استانبول الكثير من جمالها وألقها حيث تقع المدينة علي ضفتيه، وتقع أهم المعالم السياحية علي ضفتي المضيق . ويحرص أغلب زوار المدينة على أخذ جولة في المضيق عبر مراكب مخصصة لهذا الغرض وتنطلق في جولات ترفيهية و تعريفيه تقدم خلالها الوجبات التركية الدسمة وعروض الرقصات الشعبية التقليدية . يربط طرفي المدينة عبر المضيق ثلاث جسور معلقة ورائعة البناء الهندسي. وتحمل هذه اثنين من هذه الجسور اسماء عظام السلاطين العثمانيين  وهم محمد الفاتح والسلطان سليم فيما يحمل الجسر الأقدم اسم جسر البسفور ويسمي ايضا بجسر شهداء 15 يوليو. هذه الجسور العالية بنيت على مستويات تسمح بمرور السفن الكبيرة من تحتها فضلاً ان كونها تمنح المدينة منظراً سياحياً رائعاً. بالاضافة الي الجسور المعلقة، يرتبط طرفي المدينة بنفق يمر من تحت مضيق البسفور.
مشهد من مضيق البسفور

صورة الزعيم التركي الحالي  اردوغان في ميدان تاكسيم
بالإضافة الي المواقع المذكورة ، هناك معالم يجب ان يغشاها زائر استانبول ومنها المتاحف المختلفة والقصور العثمانية وشارع الاستقلال المتفرع من ساحة تقسيم وكذلك الجزء الآسيوي من المدينة الذي لم أتشرف بزيارته وجزر الاميرات  في بحر مرمرة وهي أماكن بالتأكيد سازورها في اي رحلة قادمة الي استانبول بمشيئة الله تعالي
هذه بعض ملاحظات حاولت ان أشارككم بها عن استانبول مدينة الماضي والحاضر والمستقبل. ان كانت هناك صعوبات في هذه المدينة الرائعة فهي متعلقة باللغة والتواصل، فمعظم الإشارات واللافتات التوجيهية مكتوبة باللغة التركية وكثير من العمال والعاملين يتحدثون بالتركية دون غيرها . نعم يمكن القول انه يوجد استخدام معقول للغة الانجليزية ولكنه يتوقف علي الموظفين والعمال في قطاع السياحة ( الفنادق والمكاتب) وغيرهم الذين تفرض عليهم مهنهم التواصل باللغة الانجليزية لكن في الشارع العام ومع سائقي التكاسي وعمال المطاعم تواجد اشكالية في التواصل لكن يبدو ان الامور تسير في التحسن علي الاقل في جانب اللغة العربية لوجود عدد كبير العمال السوريين الذين تجدهم في اغلب المحلات والمطاعم، كما ان مستوى انتشار اللغة الانجليزية في تصاعد كما يقول البعض .