الجمعة، 30 أغسطس 2019

Decentralization Policies in Africa’s State: Comment on the Practices


Decentralization is a political and administrative system. It gives governmental entities a sort of autonomy with more power and resources. The power distribution system is done according to legal and administrative arrangements. Decentralization is also used by bigger private companies to facilitate their operational works.
In some African countries such as Ethiopia, Sudan and Nigeria, decentralization has been adopted as a main part of the political and administrative reform policies with the aim to tackle the issues of national integration and development. Although there has been some success with this policy, there is also need to evaluate the process. The aim of the proposed assessments is to secure the best application of this system which is described as a sensitive approach by some elite members.
There are several positive impacts of the decentralization application in Africa such as absorbing the local ambitions in participating in the governance system. This element is highly important in the context of national unity. The competition between the local decentralized entities has accelerated the development and the delivery of services in education, health and infrastructure.
The criticism of decentralization focuses on its impact on weakening the common sense and national affiliation among the countries populations. This could result in secession of some parts of the countries especially the economically important and richest areas. Another criticism is to the weak administrative capacities of the decentralized units, compared to the national federal authorities in the capital.
The issue of the decentralization will remain one of the most crucial elements in the political arena in Africa. An evaluation process is important but it should be done according to a clear vision and a constitutional framework. The stability of the legal structure is important for the life of any state.  
       

       

الأربعاء، 14 أغسطس 2019

What is behind the crime


Crime like the rest of human behaviors can be subject to studies, justifications and predictions. The increase of crimes and level of violence in certain areas and within certain age groups, shared ethnical and cultural backgrounds is subject of much research. There are different reasons for the increase of the crimes and violence in the current world. Some of these reasons are related to the economical and socio-cultural contexts and some related to the legislation and crime combating policies and tools.
The increasing demands in urban life are important factor which should be considered in the analysis of crime. The gap between the increase of needs and income flow has negative results in individuals’ moods and behaviors. These factors can be addressed through comprehensive income increase and public services provision policies.
Unemployment is another important factor in the increase of crime. Growing numbers of young people are unemployed and consequently they lack sufficient income and social satisfaction. This may lead to an increase in violence as it has been illustrated in different views. This problem can be solved via different interventions which include education and training policies. Adopting statistical, result-based policies in dealing with unemployment, supporting income generating creative initiatives and adopting a multidisciplinary approach for creating jobs and expanding the labor opportunities are highly important steps to solve the unemployment problem. Several young people who had violent tendencies have changed their behaviors after gaining stable work opportunities and creating their own personal family life. There is also need to consolidate the linkages between educational-training policies with the growing needs of the labor markets in order to increase the opportunities of youth employment.
Education is another important issue for all aspects of life and poor education can lead to an increase in crime. There is continuous need for developing education to meet the requirement of the labor market and economical and social life. The promotion of tolerance, problem-solving and critical thinking are essential factors to make tolerant communities and this starts from the education system. TV programs, media and movies are also public educational tools that affect the behavior of people. Some media services providers which only want profits focus on violent actions. These programs should be directed through the legislation to provide less violence and more dialogue promoting products. The spread of a tolerance culture amongst people in communities and religious entities is very important.
The aforementioned polices focus on crime prevention aspects. These policies should be adopted in parallel with maintaining the efficient means in dealing with crime after it occurs. There should be strong punishment and reform policies in place. Investigation and prosecution tools should be strong and efficient in order to enable the criminal justice system to detect and punish all crime offenders.

الخميس، 22 نوفمبر 2018

إستانبول (الإستانة/ القسطنطينية/بيزنطة): مجد الماضي والحاضر والمستقبل



إستانبول بكل اسمائها القديمة والجديدة مدينة لا يمكن وصفها الا بكونها ملتقي الشرق والغرب ، فهي مدينة أوروبية بجغرافيتها وتاريخها، ولكنها مدينة شرقية بسكانها وثقافتها.  مدينة تعني الكثير للكل . للعرب والمسلمين فهي عاصمة الخلافة الإسلامية العثمانية ، اي المهد الأخير للكيان الجامع قبل ظهور الدولة القومية ، فالخلافة بغض النظرعن صحة وواقعية وفاعلية نظامها السياسي والاداري الا انها شكلت رمزية  في تاريخ المنطقة يختلف الناس حولها ويتفقون . اما أهل أواسط آسيا حيث جذور تركيا العرقية ، وتركستان التاريخية فلن ينسوا ان بعض أجدادهم قادوا تحولاً ناجحاً في تاريخهم ووسعوا نفوذهم الي الغرب حيث تركيا الحالية.  اما لأهل اوروبا ستظل استانبول المدينة الأوروبية التاريخية بحكم الجغرافية وبحكم آثار التاريخ البيزنطي والتي ستظل حية وتحكي عن تاريخها القديم. ولأهل روسيا الذين لن يتجاهلوا حقيقة ما يمثله البحر الأسود الذي يربطهم بالمياه الدافئة والعالم عبر استانبول حيث مضيق البسفور وبحر مرمرة ومضيق الدردنيل وصولاً لبحر ايجة والمتوسط . وهذه القيم المختلفة هي التي  تفسر التزايد الكبير لعدد السياح الزائرين للمدينة  مع حقائق أخرى منها كرم وحسن ضيافة الأتراك وذكائهم المهني والتجاري الذي مكنهم من تحويل كل هذه المزايا لعناصر للجذب السياحي وفي تسويق مدينة مهمة في مقام استانبول.
يظهر في الصورة مسجد السلطان احمد من بعيد

المدينة مكتظة بشكل كبير حيث يصل عدد سكانها الي اكثر من ال15 مليوناً من الأنفس ولكنها منظمة بالشكل الجيد فحالها اشبه بحال العاصمة غير المعلنة في واقع المدن التي تتفوق في اهميتها ووزنها علي عواصم بلدانها مثل جوهانسبيرج في مقابل بريتوريا في حالة جنوب افريقيا وابوجا في مقابل لاغوس في حالة نيجيريا وهنا تتفوق استانبول علي  انقرة كثيرا في اهميتها ووزنها وقمتها وقوتها وعنفوانها وبل في سحرها السياحي. من السهولة التحرك بين أجزاء المدينة المختلفة عبر الطرق والجسور والأنفاق. الملاحظة المهمة هو القدرة الهائلة في إدارة الخدمات والنظافة في هذه المدينة المكتظة وهي ميزة يجب ان تجد الإشادة.
ميدان تقسيم هي المنطقة التي إخترتها لسكني في الفترة القصيرة التي قضيتها بالمدينة حيث استقليت فندقاً بالقرب من الساحة. حاولت أن أعرف معني كلمة تقسيم التي تنطق تاكسيم في التركية فوجدتها تعني منطقة تقسيم المياه ، فالمعني هو ذات المعني العربي للكلمة. من الملاحظ وجود عدد كبير من الكلمات العربية في الدارجية التركية، وتسمعها علي ألسن الاتراك خصوصاً الكلمات ذات الطابع الديني وعبارات المجاملات . حدثني أحد سكان إستانبول أن الكلمات العربية كانت تشكل النسبة الأكبر في مفردات اللغة التركية العثمانية، وهي اللغة القديمة التي كانت تستخدم في المكاتبات في الإمبراطورية العثمانية، وقد تعرضت تلك اللغة للمراجعة في إطار سياسات اتاتورك الثقافية  في الفترة التي أعقبت إعلان الجمهورية التركية .  فقد لاحظت ذلك في الكتابات علي جدران القصور العثمانية حيث كتبت بعض العبارات والأشعار التي يمكن لقاريء اللغة العربية التعرف بسهولة على معانيها العامة.
نصب الجمهورية في ميدان تاكسيم
في مدخل ميدان تقسيم يقف نصب الجمهورية  الذي يؤرخ لرموز الدولة القومية التركية ومنهم الزعيم مصطفى كمال اتاتورك . فهؤلاء الرجال لا شك انهم يحظون باحترام الشعب التركي . قد يكونوا إتخذوا مواقف قوية في لحظات تاريخية ، او كانوا اوفياء للمباديء والقيم التي دافعوا عنها، او قدموا من التضحيات مايكفي بان تظل ذكراهم محفورة في ذاكرة الشعب . إسم اتاتورك وهو لقب منح للأب المؤسس للدولة القومية التركية  الحديثة مصطفى كمال  ومعناها أب الاتراك ستجده يتردد كثيراً في تركيا. عند زيارتك لتركيا سينتظرك  في إسم المطار الأكبر في البلد ، كما ستجد صورته علي العملة التركية ( الليرة) . قرأت في أحد كتب الاستاذ عباس محمود العقاد تمجيداً  للشخص حيث  يصفه بالزعيم الكبير.  فأتاتورك كغيره من الزعماء السياسيين الذين يختلف الناس عليهم بين كاره ومحب كرد فعل لسياساتهم وافكارهم ومواقفهم. ربما ينظر المختلفين معه الي تبنيه لسياسات هدفت لقطع صلات تركيا بالعرب والمسلمين ومنها تبني المباديء العلمانية المتطرفة ( فالعلمانية كالتدين يمكن أن تصل لمرحلة التطرف) ، ومنع إستخدام الحرف العربي في الكتابة التركية، وإحياء اللغة التركية الأصلية علي حساب التركية العثمانية التي تعرضت لعمليات واسعة من التنقية والتصفية ، وتصفية المؤسسات الدينية التعليمية، ومنع ارتداء الحجاب. فيما يركز محبيه على جوانب اخرى في سياساته . فالرجل لا شك انه زعيم صنعته ظروف واقعية والا لما وجد الالتفاف والسند من  الجمهور التركي ، ولاشك انه ساهم في معالجة مسائل مهمة لم تستطع الخلافة العثمانية في معالجتها وهي في طورها الأخير ، كما إنه نجح في التصدى لمخاطر كانت تهدد تركيا عقب الهزيمة أمام جيوش الحلفاء، عبر التمكن من ملء الفراغ التي خلفه إنهيار الإمبراطورية العثمانية بإعلان الجمهورية وحماية الكيان التركي في لحظة ضعف تاريخية كانت فيها البلاد واراضيها مكشوفة امام الاعداء والخصوم والمنافسين. فالرجل حكم تركيا وترك بصماته رغم انه غادر الحياة شاباً لم يزل في مرحلة العطاء حيث توفي عن عمر 57 عاماً. فقرائتنا لمجمل الاحداث التي ارتبطت بالحرب العالمية الاولي ، وحالة الانقسام الحاد في مواقف العرب والاتراك الي ضدين او خصمين في تلك الحرب تمنحنا تفسيراً لحالة الشك والمرارة التي انتابت الاتراك تجاه العرب، وزاد ذلك مرارات الهزيمة وهي الظروف التي سمحت باصلاحات اتاتورك الموجهة ضد الثقافة العربية والاسلامية في ظل قبول او خنوع من الشعب في تلك الفترة.
احدى بوابات قصر طوب قابي
من أهم معالم استانبول قصر طوب قابي ( قصر الباب العالي) ، وهو مقر السلاطين العثمانيين في فترات تاريخية طويلة. وطوب قابي تعني قصر المدفع في اللغة التركية ، كلمة طوب مفردة مألوفة في السودان لاسيما في منطقة البحر الاحمر حيث تجد كثير من الأسر التي ترجع جذورها للاتراك ويلقبون محلياً  بالطوبجية ، فكلمة طوبجية تعني جنود المدفعية ، فربما كان الجنود الاتراك في الجيوش العثمانية يحتفظون بادارة المدافع باعتبارها أقوى الاسلحة  في تلك الفترة . يقع القصر في موقع متفرد على هضبة عالية تطل علي بحر مرمرة ومضيق البسفور ، فالموقع الشاعري الرهيب يمكن الزائر من رؤية اطراف المدينة واجزائها الاوروبية والاسيوية . يتضمن المبني عدد من المواقع الاثرية مثل غرف الحكم والسكن للسلاطين واسرهم . من الاشياء التي تسترعي إنتباه الزائرين الغرفة الخاصة التي تعرض بداخلها بعض المقتنيات التاريخية ومنها بردة النبي محمد ( صلي الله عليه وسلم) وشعيرات من شعر لحيته موضوعه في قارورة صغيرة، كما تجد عصا سيدنا موسى عليه السلام، وسيف الامام علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهه) . للمكان هيبته، و تنتابك مشاعر الرهبة وانت تدلف هذه الغرفة التي لا يسمح فيها بالتصوير ويفرض علي النساء تغطية ارجلهن تقديرا للمكان المقدس او الذي يحتوي آثار مقدسة. السؤال الذي يدور بذهن الزائر هل هذه الآثار حقيقية ؟ ام مختلقة ومصنوعة . لا أملك إجابة ولكنني أظن أنها حقيقة لاسيما وان الراوية السائدة تشير الي نقل احد السلاطين العثمانيين في فترة سطوتهم لهذه الاثار من بلاد الشام الي تركيا لتأكيد مركزية دولته وإهتمامها بالآثار الدينية وهو السلطان سليم الاول.
 
متحف آيا صوفيا
متحف آيا صوفيا معلم إستانبولي بامتياز يحرص الكل للوقوف عنده لعدة أسباب أولها لقيمته التاريخية وحكايته عن تاريخ المدينة بما في ذلك التحول الكبير الذي حدث بتمدد الاتراك الي هذا الشطر الاوروبي من تركيا الحالية والتحويل الدرامي للكنيسة الي مسجد علي يد السلطان محمد الفاتح في 1453 ميلادية ومن ثم مرة اخرى لمتحف حيث هي الان علي يد اتاتورك في العام 1935 ، وثانيا لفخامة المبنى وجماله حيث يتقاطر الزوار لاخذ الصور التذكارية أمامه وبين جدرانه. بنيت كنيسة ايا صوفيا علي يد الامبراطور الروماني جستنيان في العام 532 ميلادية وسميت بهذا الاسم الذي يعني  مكان الحكمة المقدسة . من الملاحظ ان العثمانيين رغم تحويلهم غرض المكان من كنيسة الي مسجد لكنهم لم يقوموا بتحطيم الرسومات الكنسية في المسجد ، فقط اضافوا عليها بعض الرموز المعمارية الاسلامية وهي المحراب والمأذن الاربعة علي الطراز المعماري التركي واسماء النبي الكريم واسماء بعض صحابته وايات من القرآن الكريم وهي نقطة جديرة بالملاحظة وبل التقدير لان التقاليد الشائعة لدي المسلمين السنة هي تحريم تعليق الصور والرسومات في المساجد ويبدو ان حسن تقدير المعمار وفنياته كان متوفرا لدي القادة الاتراك وبالتالي قاموا بتغطية هذه الرسومات بدلاً من ابادتها وتم الكشف عنها مرة أخرى وإستخدامها بعد تحويل غرض المبنى من مسجد الي متحف في اطار اصلاحات اتاتورك في 1935 . لا زالت الإتجاهات الدينية الإسلامية والمسيحية تتمحور حول هذا المبني في محاولة لاصباغ هوية محددة له ، ففي زيارة لبابا الفاتيكان للمتحف قام باداء طقوس دينية في إشارة الي انها كنيسة ،  كما حاولت مجموعات منظمة من الاتراك بتجميع توقيعات لاعادة تحويل المتحف الي مسجد مرة اخري وقاموا باداء صلاة الفجر فيه ، الا ان السلطات التركية رفضت الدعوات لاعادة إستخدام المتحف كمسجد وطرح الرئيس التركي اردوغان هنا رأياً منطقيا حينما قال ان لا توجد حاجة لتخصيص مسجد آخر في هذه المنطقة التي يتوسطها مسجد السلطان احمد الكبير وهو يقع في مقابلة متحف آيا صوفيا ويتسع لكل زوار المكان على كثرتهم . الملاحظ ان محاولات تغيير المتحف الي مسجد مرة اخري قوبلت بتعليقات رافضة من دول ذات صلة تاريخية بالمكان وهي اليونان وروسيا.
المسجد الازرق ، اي مسجد السلطان احمد احد اهم معالم استانبول التي يحرص اي زائر للوقوف عندها والتقاط الصور وتذكر التاريخ العثماني . وتحمل المنطقة الاثرية التي تشمل قصر توب قابي ومتحف ايا صوفيا وغيرها من المعالم اسم منطقة السلطان احمد. المبني له من الفخامة ما يكفي وتحيط به ستة مآذن علي الطراز المعماري التركي وهي مآذن اسطوانية الشكل مخروطية القمة ويمكن رؤيتها في اغلب مساجد تركيا. يقال ان السلطان احمد و للتغلب علي الإنتقادات التي طالته بسبب بناء مسجد بستة مآذن بذات عدد مآذن المسجد الحرام بمكة المكرمة قام ببناء مئذنة سابعة في المسجد الحرام .
مضيق البسفور يمنح استانبول الكثير من جمالها وألقها حيث تقع المدينة علي ضفتيه، وتقع أهم المعالم السياحية علي ضفتي المضيق . ويحرص أغلب زوار المدينة على أخذ جولة في المضيق عبر مراكب مخصصة لهذا الغرض وتنطلق في جولات ترفيهية و تعريفيه تقدم خلالها الوجبات التركية الدسمة وعروض الرقصات الشعبية التقليدية . يربط طرفي المدينة عبر المضيق ثلاث جسور معلقة ورائعة البناء الهندسي. وتحمل هذه اثنين من هذه الجسور اسماء عظام السلاطين العثمانيين  وهم محمد الفاتح والسلطان سليم فيما يحمل الجسر الأقدم اسم جسر البسفور ويسمي ايضا بجسر شهداء 15 يوليو. هذه الجسور العالية بنيت على مستويات تسمح بمرور السفن الكبيرة من تحتها فضلاً ان كونها تمنح المدينة منظراً سياحياً رائعاً. بالاضافة الي الجسور المعلقة، يرتبط طرفي المدينة بنفق يمر من تحت مضيق البسفور.
مشهد من مضيق البسفور

صورة الزعيم التركي الحالي  اردوغان في ميدان تاكسيم
بالإضافة الي المواقع المذكورة ، هناك معالم يجب ان يغشاها زائر استانبول ومنها المتاحف المختلفة والقصور العثمانية وشارع الاستقلال المتفرع من ساحة تقسيم وكذلك الجزء الآسيوي من المدينة الذي لم أتشرف بزيارته وجزر الاميرات  في بحر مرمرة وهي أماكن بالتأكيد سازورها في اي رحلة قادمة الي استانبول بمشيئة الله تعالي
هذه بعض ملاحظات حاولت ان أشارككم بها عن استانبول مدينة الماضي والحاضر والمستقبل. ان كانت هناك صعوبات في هذه المدينة الرائعة فهي متعلقة باللغة والتواصل، فمعظم الإشارات واللافتات التوجيهية مكتوبة باللغة التركية وكثير من العمال والعاملين يتحدثون بالتركية دون غيرها . نعم يمكن القول انه يوجد استخدام معقول للغة الانجليزية ولكنه يتوقف علي الموظفين والعمال في قطاع السياحة ( الفنادق والمكاتب) وغيرهم الذين تفرض عليهم مهنهم التواصل باللغة الانجليزية لكن في الشارع العام ومع سائقي التكاسي وعمال المطاعم تواجد اشكالية في التواصل لكن يبدو ان الامور تسير في التحسن علي الاقل في جانب اللغة العربية لوجود عدد كبير العمال السوريين الذين تجدهم في اغلب المحلات والمطاعم، كما ان مستوى انتشار اللغة الانجليزية في تصاعد كما يقول البعض .


الاثنين، 28 مايو 2018

إحتفال الذكري 160 لسلاطين باشا بفيينا: تاريخ درامي لمغامر أوروبي ساهم في توثيق وتشكيل تاريخ السودان


بدعوة كريمة من السيد باول سلاطين رئيس جمعية الصداقة النمساوية السودانية، تشرفت في منتصف مارس الماضي بالمشاركة في الحفل الذي أقيم بمناسبة الذكرى ال 160 للسيد كارل رودلف سلاطين (السيد سلاطين باشا كما هو شهرته في السودان)  في فيينا في  الحي الثالث عشر الذي شهد ولادته وطفولته ثم ضم رفاته بعد وفاته. كان الحضور كبيراً من قبل المهتمين بالتاريخ النمساوي ومن بعض أساتذة التاريخ بجامعة فيينا وكذلك من ممثلي المجتمع السوداني في النمسا. تخلل الإحتفال تقديم محاضرتين عن سيرة السيد سلاطين باشا لا سيما تجربته في السودان، وكذلك عن مفهوم الدولة الاسلامية في الماضي والحاضر تولي تقديمهما المحاضرين في جامعة فيينا السيد الدكتور روبرت فيشر والدكتورة قولدرون هار  . كما تم عرض بعض مقتنيات السيد سلاطين وهي سيفه وجبة دراويش المهدية التي كان يلبسها وكذلك البزة العسكرية  
صورة سلاطين بالزي العسكري وسيرته الشخصية
ينحدر سلاطين من أسرة ذات جذور يهودية تحول أسلافها الي المسيحية وعمل جده في بلاط الأسرة الملكية (هابسبورج ) التي حكمت الإمبراطورية النمساوية المجرية . ويبدو ان سلاطين كان عميق الإلتزام بالديانة المسيحية وقد عكس ذلك في اكثر من نقطة في كتابه المشهور الذي سنتطرق الي بعض فقراته في هذا المقال . من الامور التي تشير الي عمق عقيدته عودته للكنيسة وأداء مراسم التعميد في ايطاليا بغرض التحلل من عقيدة الاسلام الذي اعتنقها تحت ظروف قاهرة .
إرتبطت حياة سلاطين بالسودان الذي قضي فيه أجمل سنوات عمره اي شبابه . كانت رحلته الاولى لمصر و السودان في 1874 في بواكير صباه وهم لم يتجاوز بعد ال 17 ربيعاً حيث قضي عامين وصل فيهما الي وسط السودان في جنوب كردفان حيث مركز البعثة التبشيرية النمساوية، وهي بالمناسبة أول بعثة تبشيرية مسيحية اوروبية تدخل السودان وسبقت بعشرات السنوات دخول الكنائس البريطانية والامريكية التي نجحت فيما بعد في نشر المسيحية في جنوب السودان تحت رعاية الحكم الثنائي الذي كان سلاطين أحد بناته وعرابيه. الرحلة الثانية لسلاطين بدأت قي ديسمبر 1878 بعد تعيينه في الإدارة المصرية في السودان، وهي وظيفة سعى لها عبر صديقه أمين باشا ( ادوارد اشنيتسر) حاكم الاستوائية، الألماني الاصل والذي يتشارك مع سلاطين في الأصول اليهودية، وكانت هذه الرحلة هي الأطول لانه ما أن وصل السودان وإنخرط في أعمال الادارة بسنوات الا وقد قامت الثورة المهدية التي قضى اكثر من عقد من السنوات في اسرها،  وامتدت هذه الرحلة في مجملها الي ال 17 عاما وانتهت بقصة هروبه الدرامية الي مصر. اما العودة الثالثة والأخيرة للسودان بدأت مع الجيش البريطاني المصري الذي غزا السودان في 1899 وهو غزو ساهم فيه سلاطين عبر حملة التشجيع لغزو السودان التي قادها في اوروبا والقاهرة، وعمل في الادارة المدنية التي حكمت السودان وكان الساعد الايمن والمستشار الاول للحكام البريطانيين للسودان  حتي 1914 حيث إضطر لتقديم إستقالته لحساسية وضعه كمواطن نمساوي بعد إندلاع الحرب العالمية الاولي التي وقفت فيها النمسا وبريطانيا التي يعمل في إدارتها على طرفي نقيض فآثر الانسحاب من الادارة البريطانية ومغادرة السودان والعودة للنمسا ليقضي فيها بقية حياته. يمكن القول انه لولا الحرب العالمية الاولى وما فرضته من ظروف، فقد كان يمكن لسلاطين باشا الاستمرار في مواصلة حياته في السودان وقد كان من الممكن ان يكون أحد الحكام العامين الذين حكموا السودان في تلك الفترة. 
جبة الانصار التي كان يلبسها سلاطين في ام درمان
 
سيف سلاطين
 ذكر سلاطين انه عمل في فترة تعيينه الاولى كمشرف لتحسين نظام الضرائب، وقام بجولة في منطقة النيل الازرق وقد وصف سلوك الاداريين في الإدارة التركية المصرية بالفساد والظلم واعتقد انه كان مصيبا في هذه النقطة فبقراءة جذور الثورة المهدية لا يمكن وصفها سوي انها هبة شعبية ضد ممارسات ظالمة كانت تقوم بها تلك السلطة . قامت الثورة في اكثر من موقع في السودان وبشكل متزامن في وقت لم يكن مفهوم الوطنية راسخاً كما ان اواصر الراوبط بين الاقاليم السودانية لم تكن قوية كما هو الحال الا انهم كانوا متفقين في ثورتهم ضد سلطة استعمارية مركزية قاهرة . وذكر سلاطين انه كما اورد استقال عن هذه المهمة لاحقا  بعد تقريره لغردون باشا الذي كلفه بمهمة حكم دارفور وهي المهمة التي اوقعته في يد المهدية. من المؤكد ان  سلاطين تصرف بذكاء وحيلة نجح عبرها على الاقل في المحافظة على حياته حيث لم يكن امامه في ظل تمرد قبائل رئيسية في دارفور ضد حكمه تحت راية المهدية والذي تزامن مع انقطاع خطوط اتصاله بالخرطوم والقاهرة بعد سقوط الابيض في يد المهدي حيث اثر الاستسلام دون مخاطرة حيث اعلن اسلامه وتبعيته للمهدية لكن قواد المهدية لاحظوا تحركاته المشبوهة في ام درمان ومحاولته الهروب وقيدوا الخناق عليه .
 بغض النظر عن إختلاف وجهات النظر حوله، يعتبر سلاطين شخصية مهمة في تاريخ السودان المعاصر لعبت ادوراً مؤثرة في مراحل مفصلية في تاريخ السودان. كان سلاطين شاهداً على إنهيار الدولة التركية المصرية في السودان، وشاهداً على صعود وهبوط الدولة الوطنية المهدية ومساهماً رئيسياً في عملية إعادة الاستعمار البريطاني المصري بعد العام 1899 والذي استمر في خدمته حتي العام 1914. ساهم سلاطين في تشكيل هذه التحولات الدراماتيكية في تاريخنا كما يعتبر كتابه من أهم الكتاب الذي وثقت لنا تاريخ دولة المهدية عبر الاحداث التي عايشها وعبر عنها على الأقل من وجه نظره فالملاحظات الواردة في كتبه السيف والنار في السودان تعكس بعضاً من حقائق الواقع آنذاك ان لم تعكس كلها وان إنطوت على إنطباعات شخصية ومبالغة في وصف الأمور وتحامل واضح . وصف سلاطين الحالة العامة في سودان المهدية وطريقة ادارة الحكم بل حتي انه وصف الملامح الطبيعية والشكلية  لقادة المهدية بالتفصيل بحكم انهم عاشرهم ومن المؤكد ان تلك الاوصاف استخدمها الذين حاولوا رسم صور تقريبية عن شخصيات مثل المهدي والخليفة عبد الله وحمدان ابوعنجة ويعقوب جراب الرأي وغيرهم من قادة ذلك العهد .
ينتقد الكثير من السودانيين كتاب سلاطين عن السودان الذي اصدره عاكساً فيه تجربته لا سيما في النقاط التي أبرز فيها سخريته وإمتعاضه عن الحياة وسلوك الناس وهو لا يتردد في كثير من كتاباته إظهار الفرق بين الحضارة في الغرب والتخلف في مجتمعات الشرق والنظرة بصورة فيها إستعلاء تجاه حياة الناس وممارساتهم . لكن هناك بعض الإعتبارات يجب ان يقدرها  المنتقدين ومنها الظروف التي عاشها سلاطين الذي انحدر به الحال من حاكم لواحدة من اقاليم السودان الكبيرة والثرية حينها ( دارفور) الي أسير  او إنسان اكثر من عادي او شخص مشكوك في انتماءه في ظل نظام سياسي تشكل نتيجة ثورة وعنف ويواجه خصوم يحاولوا القضاء عليه، كما أن الكتاب نفسه ليس بحث اكاديمي يخضع لقواعد ونظم البحوث العلمية فهو مذكرات شخصية لشخص عرض فيه تجربة حياته ولا ننسي ان سلاطين نفسه ذهب للسودان بطوع نفسه كشاب مغامر ضعيف الخبرة المهنية والمعرفة العلمية  ، فحتي دارسته الاكاديمية في مدرسة التجارة بفيينا لم يكملها كما تقول المصادر  ، كما انه لم يكن عسكريا تلقي التدريب المطلوب في القتال والعلوم العسكرية،  فحتي مشاركته في حرب البوسنة لإلحاقها بالامبراطورية النمساوية المجرية في العام 1877 لم تكن الا في اطار مهمته لاداء الخدمة العسكرية وبالتالي يمكن القول انه لم يكن جنديا محترفا في القتال او صاحب درجة قيادية في العلوم العسكرية . من الملاحظات التي توضح تحامله والمبالغة في وصف الامور القصة التي اوردها بشان النسوة اللائي شاهدن في ام درمان وهن ياكلن جحش صغير حديت الولادة مباشرة دون حتي طبخه في اطار وصفه لحالة المجاعة ولا يمكن تصور هذا المشهد بالصورة التي كتبها سلاطين . من الممكن بالطبع اكل لحم الجحش لكن بعد الطهي .
طبعت النسخة الاصلية  من كتاب سلاطين باللغة الالمانية ثم ترجمت الي اللغات الاخري مثل الانجليزية والعربية ، وحقق الكتاب نسبة مبيعات عالية في بداية القرن العشرين في اوروبا ، كما نجح في تعبئة الراي العام البريطاني ضد الدولة المهدية في السودان مما دفع البريطانيين في التفكير الجاد في إستعمار السودان  وقد انخرط سلاطين بعد نجاته من اسر المهدية في حملات مستمرة لاقناع بريطانيا والراي العام الاوروبي باعادة استعمار السودان وانهاء حكم الخليفة وقد نجح في ذلك بل ذهب مشاركا في حملة فتح السودان بقيادة كتشنر باشا وقاد بحكم معرفته للغة العربية والمجتمع السوداني مفاوضات مع زعماء القبائل المحلية لقبول الحكم الجديد وعدم الاعتراض عليه . 
النسخة الالمانية لكتاب السيف والنار في السودان التي ترجمت منها النسخات المطبوعة باللغات الاخرى
من الملاحظات التي يمكن استخلاصها من بين سطور كتابات سلاطين هو انه لا يفرق كثيراً بين السودانيين حيث يتعامل معهم ككل واحد ولم يكلف نفسه للبحث كثيرا عن اصول القبائل ومناطقتها ونفوذها بالطريقة التي تضمنتها كتب الاداريين البريطانيين الذين كتبوا فيما بعد . كما أبرز لنا الكتاب المزاجية الصعبة للخليفة عبد الله التعايشي الذي حكم السودان في تلك الفترة وهي مزاجية تجمع بين الذكاء والإصرار والشك والقسوة تجاه الخصوم  ، وهي صفات قد ساهم سلاطين في ترسيخها لدي المثقفين السودانيين الا انها سائدة ايضا الي حد ما في التاريخ الشفاهي والانطباع العامة. عبد الله التعايشي هو القائد الفعلي للدولة المهدية ويعتقد البعض بانه هو الذي أدخل فكرة المهدية في عقل محمد احمد المهدي نفسه كما انه هو الذي تبني مهمة حشد وتعبئة القبائل لاسيما في غرب السودان لدعم المهدية وتبني افكارها . وكانت العلاقة بين الخليفة وسلاطين قائمة على الحذر والشكوك ، كان سلاطين يخشي من عنف الخليفة فيما لا يطمئن الخليفة من جانب سلاطين الذي كان يلقبه بشويطين . ربما كان الخليفة محقاً في شكوكه حول الرجل ، فقد أثبتت التجربة انه كان بالفعل انساناً خطيراً حاول استغلال كل شيء للمحافظة على حياته ومنها طريقته في إعتناق الاسلام وقبول حكم المهدية وبل ملازمة الخليفة والمسجد اكثر من عشرة اعوام ومن ثم الهروب بطريقة اكثر درامية والعودة في كنف جيش غازي ساهم في تشكيله  للانتقام من خصومه الذين صبر عليهم لسنوات.
ابدى سلاطين اعجابه ببعض الشخصيات السودانية التي عاصرها او التقي بها ومنها بالطبع الأخوين ابوكدوك الذين صاحباه في دارفور وام درمان ، وكذلك الشابين من قبيلة الكبابيش الذي نجحا في تهريبه من ام درمان .  الشخصية الاخرى والاكثر اهمية له كانت حامد جرهوش وهو الشخص الذي تكفل بترحيله من نواحي بربر الي اسوان ، وهو كما يوضح ينتمي لعرب العامراب وهم احدي فروع قبيلة البشاريين ( احدي كبريات قبائل البجا ) وقد وصفه سلاطين بانه من أقوي الاشخاص شكيمة من الذين التقي بهم في السودان ونقل الحوار الذي دار بينهما وكان لغة التفاوض البراغماتي واضحة بينهما حيث ذكر له جرهوش لسلاطين منذ البداية انه يقوم بالمهمة من اجل مصلحته ووعده سلاطين بالمبلغ المحدد ووافق جرهوش مشيراً الي ثقته في وعد الرجل الابيض ( الاوروبي ) الذي لا يكذب وهو انطباع موجود لدي غالبية السودانيين عن الاوروبييين .
عملية هروب سلاطين قصة طويلة ومتسلسلة ساهم فيها عدد كبير من السودانيين لا سيما تجار وزعماء قبائل وتحديدا من قبائل الجعليين والانقرياب والعبابدة والكبابيش الذين كانوا من المناوئين لحكم الخليفة حيث نجح هؤلاء في خلق حلقة الوصل بين سلاطين والقنصل النمساوي بالقاهرة واسرة سلاطين بفيينا عبر نقل المراسلات ودفع الاموال للعمال والرجال الذين نفذوا بالشكل الميداني عملية التهريب من ام درمان الي مصر . كان ونجت باشا حاكم سواكن ورئيس  المخابرات البريطانية دورً كبيراً في ذلك ( إمتدت الصداقة بين سلاطين وونجت فيما بعد حين صار ونجت باشا حاكما ً عاماً للسودان خلال الفترة 1899 – 1916 وعمل سلاطين بمثابة المساعد الاول له ) . وكما تشير سطور الكتاب رغم انه لم يقل ذلك صراحة ان سلاطين آثر عدم الاستمرار في الزواج في السودان فحتي زوجاته تخلص منهن بسرعة ومن المؤكد انه كان يخطط للهروب كما انه كان يتعامل مع اشخاص يخاف عليهم من إفتضاح أمرهم وبالتالي كان يفضل حياة العزوبية حيث استغني عن أول زوجة قدمها له الخليفة ثم إستغني عن الزوجة الاخري المسماة فاطمة البيضاء نسبة لكثرة الزوار الذين يترددون عليها من اهلها .ولم يثبت ان سلاطين خلف ذرية في السودان رغم زواجه والفترة الطويلة التي قضاها هناك ولم يشير لاسرته ان ابناء له بالسودان كما جاء على لسان حفيده باول سلاطين  فذريته الان تتكون من ابناء ابنته الوحيدة التي ولدت بعد عودة سلاطين الي النمسا وزواجه هناك.
ستظل قصة سلاطين احدى أهم قصص تاريخنا الوطني المعاصر وهي بالفعل تصلح مجالاً للبحث والدراسة كما يمكن ان تشكل رصيداً لعمل درامي من وجهة النظر السودانية بدلاً من وجهات النظر الاخرى التي تتعامل مع القصة بخلفيات مختلفة . هناك الكثير من الدروس المستفادة من القصة منها النتيجة التي قد يحققها الإصرار على تحقيق الهدف والصبر على المكاره كما انها تشير الي أهمية الحرص والذكاء الاجتماعي في حفظ العلاقات وتطويرها وإتقاء شرور الاخرين لا سيما الاقوياء منهم وانت في لحظات ضعف .
البزة العسكرية لسلاطين باشا

ميدالية الصليب الاحمر المقدمة لسلاطين تقديرا لعمله ضمن انشطة الصليب الاحمر في النمسا بعد عودته النهائية من السودان