الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

تحت اضواء باريس



لباريس شهرة فنية وأدبية لا تضاهيها فيها اي عاصمة أخرى . هذا رغم ان مدناً اخرى مثل روما وفيينا وسان بطرسبورج لا يقلون أهمية عن باريس من حيث حجم وقيمة التراث الثقافي و الادبي و الإهتمام بالفنون ، لكن هذا هو قانون الشهرة الذي يطغي على كل الإعتبارات. هكذا تعلم الناس أن باريس هي مدينة الفن، والحرية، والحب، والجمال، والنور ولن يقبلون لها بديلاً حتي حين. قديماً قيل أن الحب هو إحدى الارزاق التي يهبها الله لمن شاء فيجعل قلوب الناس تتعلق به،  وقيل ايضاً أن الحب أعمي وغير قابل للتبرير وغير خاضع للتفسير ومنطقه ، فهكذا احب الناس باريس وتعلقوا بها واسبغوا عليها القاب النور والجمال والفن والحب.  حتي لا نتجاوز الواقع والحقيقة يجب ان نقر ببعض المبرررات لهذا الحب . ربما يكون للغة الفرنسية بكل ما تمثله من ذوق وصوت جميل وعطاء أدبي ثر دوراً محورياً وراء هذا الحب ، ربما كان للثورة الفرنسية التي شكلت إحدى نقاط التحول الجوهرية في التاريخ الأوروبي او العالمي أثر في ذلك، فالثورة الفرنسية لم تكن ردة إحتجاجية عابرة بل ألهمت الشعوب في كل بقاع الارض قيم الحرية والمساواة في الممارسة السياسية ، وانهت الاقطاع بكل ما يمثله من ظلم إجتماعي وإقتصادي مركب للمجتمعات لصالح أقلية مترفة ، ورسمت معالم النظم الجمهورية كبديل للجيل القديم من الملكيات المطلقة، وكانت للثورة الفرنسية فلسفتها وادبياتها . هناك جانب آخر من مزايا فرنسا والتي قد تكون سببا في دفع الناس لحب هذا البلد ، وهو الكم الهائل من التراث الثقافي والعدد الكبير من  رموز الفن والادب والفلاسفة الفرنسيين الذين اورثوا البشرية عطاء ادبياً غزيراً ، فكل الانسانية تعرف جاك جان روسو وفيكتور هيجو وغيرهم . كل هذه العوامل بالطبع تضافرت في ترسيخ الصورة الجميلة والزاهية لفرنسا الدولة ولباريس العاصمة .
سافرت الي باريس محمولاً بكل  هذه الصور الذهنية الجميلة . لأرى الفن في كل ركن وأرى الجمال في اي مكان، ليس فى وجوه الناس وملامحهم فقط لكن في معاملاتهم، ممارساتهم ، ولارى الحرية في معانيها السامية . أعترف ان زيارتي كانت مختصرة حيث لم تستغرق اليومين ، وهي كافية لأخذ إنطباعات ولكن بالتاكيد ليست كافية للحكم على مدينة معقدة وثرية كحال باريس . كان بودي زيارة كل معالمها ومتاحفها وحدائقها ومعالمها لكن لم استطع.
المدينة مكتظة الي حد كبير ، هذا ما تلاحظه عندما تسير في الشوارع او عند إستغلال وسائل المواصلات العامة او حتي عندما تستغل سيارة او تاكسياً في الشارع . يتجاوز عدد قاطني منطقة باريس الكبرى التي تشمل المدينة وضواحيها حوالي 12 مليون نسمة وبالتالي تعتبر من أكبر الحواضر الاوروبية اكتظاظاً بالسكان . ربما تكون هذه نقطة تنتقص من جمال المدينة ورونقها. جانب آخر هو التنوع الكبير الذي تلاحظه على سكان باريس ، ان ظل الكل يتحدث الفرنسية بصوتها الفريد الا انهم من اصقاع شتي من الارض ، منهم الافارقة والعرب واللاتينو والاسيويين، فهي تعتبر نقطة ايجابية لصالح المدينة التي احتفظت لنفسها بابناء من كل الالوان والاشكال . 
برج ايفل
 يحرص اي زائر لباريس على زيارة برج ايفل ، فهو المعلم الباريسي الاشهر والابرز بامتياز. هالني العدد الكبير من السواح المتجمهرين تحت البرج وهم يلتقطتون الصور ومنهم من يقف في صف طويل لصعود البرج.  يقع البرج الذي يرتفع الي اكثر من 300 متر ويمكن رؤيته من اماكن متفرقة من المدينة، على ضفاف نهر السين الذي يشق المدينة في مسارة الابدي نحو القنال الانجليزي او بحر المانش الذي يفصل بين الجارين المتنافسين دوماً بريطانيا وفرنسا. نهر السين يعطي باريس بعضاً من أهميتها، وبعضاً من جمالها فهو الذي يربطها باجزاء مهمة من اقاليم فرنسا كما يعتبر مساراً لنقل البضائع عبر السفن النهرية .
شارع الشانزلزية يشغل أهمية خاصة في حياة المدينة الثقافية والسياحية ، هذا الشارع المقترن بقوس النصر الفرنسي ، هو منطقة تعج بالحيوية والحياة، فمقاهيه وفنادقة ومتاجره العديدة تستقبل الزوار في كل لحظة ، لا سيما في فترة احتفالات راس السنة الميلادية حيث  يكون الشارع في قمة انتعاشه ويتم تزيين جنبات الشارع بالأنوار المشعة  . 
قوس النصر معلم آخر يرتبط بطموحات الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الذي طبقت شهرته الآفاق و غطت معاركه كل الإتجاهات و كل الانظمة حيث شغل اوروبا والعالم حيناً من الزمان، وهو يسعي لنشر سلطته او نوره الفرنسي بالقوة والقهر في أرجاء المعمورة. بني هذا المعلم تخليداً لبعض هذه الانتصارات ففي داخل الصرح كتبت أسماء القادة العسكريين وأسماء المعارك التي خاضوها . يقع المبني الرمزي في منطقة في وسط باريس تعتبر ملتقي لعدد يفوق العشرة طريقاً .واحدي هذه الطرق شارع الشانزلزيه الشهير . 
شارع الشانزلزيه

قوس النصر الفرنسي
 اذا كنت زائر لباريس، أحرص على زيارة متحف اللوفر فهو أهم المتاحف العالمية، ويحتضن عدداً كبيراً من التحف والرسومات والموروثات ومن كل أنحاء العالم . سيوفر لك المتحف رحلة عميقة عبر التاريخ ، ستعرف عن فرنسا وعن اي مكان وعن بلادك احياناً . بعض هذه الموروثات فرنسية، وبعضها مجلوب من بلدان بعيدة منها  بلاد الشرق عبر فترات زمنية متعددة . ونسمع بين الحين والآخر من يدعو لارجاع هذه الآثار الي بلدانها الاصلية. هي في المقام الاول قضية قانونية يجب ان تحل في إطارها القانوني ، فبعض هذه الاثار خرجت بموافقة البلدان الاصلية وفق قوانينها التي منحت البعثات الاستكشافية الأجنبية جزء من هذه الآثار ، كما توجد حجة اخرى قد يحتج بها الذين تقع هذه الاثار في حوزتهم، وهي انطباق مبدأ الملكية العامة على الموروثات الثقافية القديمة مثل الكتب التاريخية القديمة على الآثار بحيث يتم التعامل معها كإرث كوني إنساني . على كل يمكن القول أن هذه الاثار في أيدي أمينة، وستبقي إرثاً كونياً يشاهده الناس كموروثات تعبر عن حضارتها الأصلية  . في مدخل اللوفر يطالعك هرم زجاجي في إشارة واضحة لتقدير الحضارة المصرية، وهي لفتة ربما حرص القائمين على أمر اللوفر على  إبرازها ليقولوا أن متحفهم يشكل محوراً ثقافياً كونياً، وقد تكون ايضا تقديرا للاثار الفرعونية في المتحف .
مكان اخر لابد من الوقوف عنده لو سمح لك الوقت بزيارته وهو قصر فيرساي الواقع  في ضواحي باريس. يعتبر فيرساي من أهم القصور الملكية الاوروبية، ويجسد صورة حقيقة عن حياة الأباطرة الاوروبيين بكل ما كانت تمثله من ترف وإنفاق ضخم على حياتهم وراحتهم.  كما يرتبط بأحداث تاريخية منها الثورة الفرنسية ومقتل الإمبراطور لويس السادس عشر وزوجته مارى انطوانيت، وكذلك بحدث تاريخي كبير في عالمنا المعاصر وهو توقيع الإتفاقية التي أعقبت الحرب العالمية الاولي والتي تم بموجبها إعادة تقسيم القارة العجوز وتحديد مناطق النفوذ للقوي المنتصرة في الحرب .
هناك العديد من المعالم الرئيسية والمسارح ودور الموسيقي والمتاحف والكنائس الأثرية التي يمكن زيارتها في باريس ، فهي مدينة لن تتحقق من زيارتك لها فعلاً الا بقضاء أيام وليال تجول فيها متفحصاً ودراساً لهذه المعالم ، ومنقباً في خبايا تاريخها وفي رمزيتها .

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

لاكسمبيرج النمسا: ضاحية فينيية تستحق الزيارة



لكل المدن الحواضر عدد من المراكز الحضرية الصغيرة التي تحيط بها وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً في حال اشبه بحال شتول النخيل التي تزهر حول النخلة الكبيرة . لمدينة فيينا نصيب من هذه الضواحي البراعم ولعل لاكسمبيرج تعتبر من أهمها .  لا تبعد لاكسمبيرج اكثر من 20 كيلومتر من مدينة فيينا وهي تقع في اتجاه الجنوب على الطريق المؤدي للمجر والمدن النمساوية في شرق وجنوب شرق النمسا مثل ايسن اشتاد . دائما يخلط الناس اسم لاكسمبيرج باسم لوكسموبرج وهى الدولة الاوروبية الصغيرة والمؤثرة في ذات الوقت . لاكسمبيرج التي نحن بصددها قرية صغيرة لا يتجاوز عدد قاطنيها الثلاثة الف وكذلك مبانيها التي تقل عن ذلك بكثير الا انه تبدو عليها الفخامة والنظام غير ان مساحات الغابات والحدائق تشغل الجزء الاكبر من المنطقة.  ارتبطت القرية بالحديقة الكبيرة التي يتوسطها احد قصور اباطرة اسرة هابسبورج التي حكمت الامبراطورية النمساوية المجرية لعقود حيث اتخذت الاسرة هذه القرية كواحد من مقارها في فترة الصيف  . شهدت قصورهم في لاكسبيرج ميلاد عدد من الامراء كما ارتبطت ببعض الاحداث المهمة  في الحياة الملكية.
قصر فرانسبيرج والبحيرة

البحيرة التي تتوسط الحديقة الرئيسية

مؤخرا حاولت الحكومة النمساوية توسيع مهام هذه القرية عبر اتخاذها كمقر لعدد من المؤسسات الدولية والوطنية مثل الاكاديمية الدولية لمكافحة الفساد وهي هيئة دولية تستضيفها النمسا وتعمل بشكل رئيس في مجالات البحوث والتدريب المتعلق بمكافحة الفساد وقدمت الحكومة النمساوية احد القصور التاريخية كمقر للاكاديمية. وكذلك المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية وهو ايضا مؤسسة اكاديمية بحثية تتخذ من القرية مقرا لها.
عند زيارة القرية تجد عدد كبير من السياح والزائرين سواء القادمين من مدينة فيينا لا سيما في عطلات نهاية الاسبوع او القادمين من المناطق الاخرى في العالم الذين يزورون النمسا ويقودهم منظمو الرحلات السياحية في فيينا لزيارة لاكسمبيرج ضمن الجولات السياحية المعتادة .
تحتضن الحديقة الرئيسية أهم المعالم التاريخية في القرية مثل قصر فرانسنبيرج الذي يتوسطها و القلعة القديمة ( Altes schlos )  التي يقع مبناها في مدخل الحديقة في إتجاه اليمين وهي المبني الاول الذي بني في القرن الثالث عشر الميلادي  في داخل الحديقة كمقر لممارسة الصيد البرى لاحد اباطرة النمسا . كما تجد عدد من التماثيل والنصب. يعتبر قصر فرانسبيرج الذي سمي للامبراطور فرانس من اهم معالم الحديقة وبإمكان الزائر التجول في المتحف الذي يحتويه والذي يؤرخ لتاريخ الامبراطورية النمساوية وبامكان الزائر الاستمتاع بتناول وجبات شهية في المطعم الملحق بالقصر او استئجار قارب صغير للتجول به في البحيرة الكبيرة المتصلة بالقصر . 
شلال صناعي يتوسط الحديقة

مدخل الحديقة ويظهر من على البعد مبني القصر القديم او القلعة القديمة

توجد اماكن متفرقة للاستراحة والجلوس وملاعب للاطفال في الحديقة




الأربعاء، 16 أغسطس 2017

المتحف العسكرى النمساوي: قصص ودروس



التاريخ قصة رائعة السرد ، وحكاية جميلة التسلسل وموضوع جيد للبحث والدراسة لكن في واقع الحال هو الأحداث ومايرتبط بها من موت ودمار . هذه هى صورة التاريخ الزاهية التى نفاخر به دون وعى بما تمثله الحروب من مأساة . هذه الحقيقة تدركها بكل صورها في المتاحف العسكرية التي تجمع الصورة الكاملة لنشوة الفخر المقرونة بالمآساة والهزيمة المرتبطة بالندم والخجل . متحف فييينا العسكرى يكتسب موقعاً خاصاً من بين المتاحف العسكرية في العالم نسبة لما يمثله البلد من موقع في خريطة الأحداث التاريخية الإقليمية والعالمية. من هنا بدأت الحرب العالمية الأولي التي راح ضحيتها ملايين البشر وهي ذات الحرب التي شكلت الأساس والبذرة للحرب المدمرة الأخرى والتي ايضاً توقفت عند إقتحام الحلفاء لمواقع دول المحور الأساسية ومنها فيينا في العام 1945. كما إرتبطت النمسا بأحداث مركزية اخرى في اوروبا والعالم مثل مؤتمر فيينا في 1814 – 1815 المنعقد بعد الحروب النابليونية وانهيار الامبراطورية الرومانية والذي تولي رسم الخارطة السياسية لاوروبا  ، كما ارتبطت ايضا بصراع الإمبراطورية العثمانية مع القوي الغربية في اوروبا الشرقية .
يقع المتحف في وسط مدينة فيينا في منطقة سهلة الوصول بالقرب من محطة القطارات الرئيسية بالمدينة ( هاوبت بان هووف) ، وغير بعيد من معالم سياحية أخرى مثل قصر البلفيدير . ويعرض التاريخ العسكري النمساوي في فتراته المختلفة وفق التسلسل التاريخي للأحداث. المتحف هو أحد الافكار والمبادرات المقدرة التي قام بها القيصر فرانس جوزيف امبراطور النمسا والمجر الذي تجد له حضوراً مقدراً في النمسا حيث أن الكثير من المباني والأماكن العامة بنيت في عهده . بنى المتحف خلال الفترة 1850-1856 ، وينقسم الي عدد من الصالات التي تعرض صور تاريخية ونماذج من الاسلحة .
في باحة المتحف ، يطالعك تمثال لجندي مدجج بزيه وأسلحته ولكنه مطرق الرأس ويبدو عليه الحزن . ربما قصد صانع التمثال وواضعيه في بهو المتحف وصف الحالة التي يعيشها الجنود الذين وضعتهم أقدارهم في هذه المهنة الصعبة . الجنود يدفعون ثمن الحروب قبل الآخرين، ويدفعون ثمن أخطاء الساسة وطموحاتهم. يدفعون هذه الأخطاء ارواحهم واجسادهم وصحتهم  وهي بلاشك أغلى مقتنيات الإنسان . كما تحتضن الساحة التي تسمي بحديقة الدبابات وفق التسمية الالمانية عدد من الدبابات والطائرات التي أستخدمت في الحروب النمساوية.
تمثال لجندي في مدخل المتحف

القسم الخاص بتوثيق مرحلة الحرب العالمية الأولي (2014-2018 ) الذي يقع في الطابق الارضي ،يشغل حيزاً مقدراً في معروضات المتحف ويجد اهتماماً من الزائرين خصوصاً السيارة التي أغتيل فيها ولي عهد النمسا الارشيدوق فرانز فرديناند وزوجته صوفي في مدينة سراييفو البوسنوية في 28/6/1914 على يد شاب صربي يدعي غافيرلو برنزيب،  وبعض المقتنيات التي تخص الأمير وزوجته. ويمكن ملاحظة أثر الرصاص على السيارة. وقد تسببت الحادثة في إندلاع الحرب العاليمة الاولي التي بدأت بين النمسا وصربيا ومن ثم تطورت بدخول شركاء آخرين، وإنتهت بنتيجة مؤلمة للنمسا وحلفاؤها  حيث إنهارت الامبراطورية النمساوية المجرية ، وتحولت النمسا الي بلد صغير بعد ما كانت إمبراطورية مترامية الأطراف تشمل اغلب مناطق وسط وشرق اوربا. ونصت معاهدة فرساى الشهيرة التي وقعت بعد إنتهاء الحرب على شروط قاسية ومذلة  لالمانيا ، وتركيا،  والنمسا. ويتضمن المعرض صور ومقتنيات ومعدات عسكرية وأدوات واسلحة تخص فترة الحرب العالمية الاولي. 
السيارة التي اغتيل فيها السيد ولى عهد النمسا في سراييفو 1914
 
مدفع من ادوات الحرب العالمية الثانية

شعار الحقبة النازية
سيارة عسكرية تابعة للجيش الامريكي وعليها اعلام الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية

صورة لجندي يستعد لرمي قنبلة من طائرة خلال الحرب العالمية الثانية

طائرة عسكرية من الجيل الاول

دبابة من الاجيال الاولى

تم تخصيص قاعات محددة لحروب بعينها اذا خصصت الصالة الأولي للحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت والتي تعود الي ما قبل 350 عاما و، كذلك الحروب بين العثمانيين والامبراطورية النمساوية ومنها حصار فيينا الاول من قبل الاتراك ما بين 27 سبتمبر الي 14 اكتوبر 1529 والثاني ما بين 15 يوليو الي 15 سبتمبر 1683 ، ويضم المعرض أسلحة وتجهيزات عثمانية وسيوف شرقية وأدوات تركها العثمانيين بعد فك الحصار وإنسحابهم في عام 1683 بعد هزيمتهم من قبل النمساويين المدعومين من قبل البولنديين. تجد أحد الأعلام العثمانية مكتوب عليها قوله تعالى: ( نصر من الله وفتح قريب ) . وتقع القاعة الخاصة بالفترة العثمانية في الطابق الأول من المبنى.
علم من مخلفات الجيش العثماني بعد فشل حصار فيينا
كما يتضمن المتحف مخلفات جيش نابليون التي تركها في معركة لا يبتزيع أمام النمسا وبروسيا والتي تبعها إنعقاد مؤتمر فيينا (1814-1815 ) الذي أعاد رسم الخارطة الاوروبية بشكل يحقق مصالح الحلفاء.
الملفت للنظر هو وجود القاعة المخصصة للقوات البحرية النمساوية ، والمعارك البحرية التي قادها النمساويين ضد خصومهم وأهمها معركة ليسا في البحر الادرياتيكي التي إنتصر فيها الاسطول النمساوى على القوات البحرية الايطالية في 1866 . بالطبع هذا يثير إستغراب كثير من الزوار الذين يدركون حقيقة ان النمسا دولة حبيسة لا ساحل لها الا ان المتحف يعكس التاريخ النمساوي بمراحله المختلفة بما فيها فترة إمتداد نفوذ الامبراطورية النمساوية المجرية لاقاليم ساحلية على الادرياتيكي والمتوسط مثل كرواتيا وايطاليا وسلوفينيا.
ترتبط الاحداث التاريخية في الغالب بشخصيات لها تأثير كبير في حدوثها وتطورها سواء عبر طموحاتها وتصوراتها ورغباتها وبحكم مواقعها القيادية او الفكرية سواء كانوا حكام او قادة عسكريين او مفكريين ودبلوماسيين يقودون المعارك في الجبهات الفكرية والتفاوضية المصاحبة للمعارك. ومن الشخصيات البارزة التي يعكسها المتحف قياصرة أسرة الهابسبورج الذين حكموا الامبراطورية النمساوية المجرية . ومن أهم رموز هذه الاسرة الامبراطورة ماريا تيريزا التي تعتبر من أهم ملوك العائلة وهي ابنه الملك شارلس السادس الذي لم يكن له وريث من الذكور وقد خلفته في الحكم ونجحت في إعادة تنظيم الجيش النمساوي وتسليحه حتى أصبح قوة عظيمة لا يستهان بها في اوروبا وبل لاعب رئيس في الأحداث في تلك الفترة. إحتفي النمساويون قبل أشهر قليلة بالعيد الثلاثمائة لميلاد الإمبراطورة ماريا تيريزيا ، ويوجد لها تمثال ضخم في مربع المتاحف في وسط فيينا . والشخصية الأخرى التي لها أهميتها في التاريخ النمساوي هو الامبراطور فرانس جوزيف الذي يرجع له الفضل في تطوير فيينا وفي تأسيس كثير من الانشاءات ومنها المتحف العسكري ويلاحظ زائر فيينا وجوده القوي في الذاكرة الشعبية وفي مواقع المدينة حيث حكم الإمبراطورية لفترة طويلة إمتدت من ديسمبر 1848 حتي وفاته في نوفمبر 1916 ويعتبر أطول الحكام النمساويين بقاء في السلطة . من الملاحظات التي لفتت نظرى غياب شخصية الزعيم الالماني ادولف هتلر في المتحف رغم الحضور القوي في عكس احداث الحرب العالمية الثانية . هتلر كما هو معروف فهو من مواليد النمسا ، وعاش فترة من حياته بها كما قام بضم النمسا بالقوة لالمانيا خلال فترة حكمه  . ربما تمنع القوانين النمساوية التي سنت بعد الحرب العالمية الثانية  اي اعمال لتمجيد هتلر وتاريخه وقد يكون ذلك السبب في غياب صورته واعماله في المتحف. لكن يمكن القول ايضا ان للنجاح الاف الاباء والهزيمة لا والد لها كما يقول المثل ، فالرموز المرتبطة بالمغامرات التي تقود للهزيمة لا تجد تقدير شعوبها وحبهم وان انقضت السنون والعقود وفي ذلك رسالة للساسة في اخذ الحكم من هذه النماذج من التاريخ.
لوحة للامبراطور فراس جوزيف

تمثال للامبراطور فرانس جوزيف
اود تسجيل إعجابي  بالمتحف وتقديرى لادارته على التنظيم الرائع ، وادعو اي زائر لمدينة فيينا للوقوف على هذا الصرح الكبير والإستمتاع بمحتوياته.