أبوجلمبو حيوان برمائي طريف الشكل والملامح والقدرات. يتكون هيكله من شكل صندوق تحيط به عدد من الأرجل وهي 8 ارجل بالإضافة إلي مخالب يستخدمها كأيدي لنقل الطعام الي فمه المخبوء وفي الصيد والإقتناص والدفاع. تمكنه تعددية الأرجل بالتحرك في الاتجاهات الأربعة يميناً وشمالاً واماماً وخلفاً. تتكون أسرة ابوجلمبو من أنواع عديدة بعضها تعيش في المياه الضحلة، وبعضها في المياه الأعمق، بعضها في المياه المالحة وبعضها في العذبة، بعضها تقطن في الأعماق وبعضها تتخذ بيوتا جحورية في الرمال الشاطئية والساحلية التي تعود إليها بعد اصابة أرزاقها من خيرات البحر. تعيش مجموعات ابوجلمبو في تجمعات أسرية تتحرك معاً على الشواطيء في منظر ظريف وطريف. لا تتوقف قدرات ابوجلبمو الأكروباتية على التحرك في الاتجاهات الاربعة بل قدرته على السباحة في البحر جنبا الي جنب قدرته على الجري في اليابسة، فاذا داهمته كائنات البر يلجأ الي مياه البحر واذا داهمته كائنات البحر يجري غافلاً الي حيث الارض. ولا تنقضي عجائب صاحبنا هذا في الحياة البرمائية، والحياة في المياة العذبة والمالحة معاً وسهولة الحركة بل يمتاز ايضاً بميزة أخرى لا تشاركها فيه أغلب كائنات البحر، فبعض كائنات البحر تعيش على لحوم بعضها البعض حيث يتغذي القوي على لحوم ودماء الضعفاء فيما تتغذي الصغيرة منها على الأعشاب وأما الأكثر ضعفاً فتتغذي على الطين، أما صاحبنا العجيب هذا فهو يتغذي على سلسلة طويلة من الاغذية التي تشمل اللحوم، والديدان، والقواقع، والأعشاب البحرية وربما الطين والتراب الذي يدفن نفسه فيه، ويستخدم في هذه المعارك مخالبة التي تساعده في القبض على الضحية وقتلها وتفتيتها وأكلها. أثناء بحثي عن صاحبنا في الإنترنت وجدت تعليقاً ظريفاً عن قدرات أبوجلمبو في مدونة زيزو زكريا بعنوان ابوجلمبو نايم على جانبو: ( هو كائن ظريف ولطيف له فوايد هامة للإنسان ولكن الذكر عينه زايغة لا تكفيه أنثى واحدة بل يضرب به المثل في تعدد الزوجات فتصل عدد زوجاته إلى 300-400 كابوراياية والأنثي تعلم جيداً بأن أبوجلمبو دائم الطواف على جحور الإناث ولذلك تحتفظ بجزء ليس بهين من حبوب لقاح الذكر في بطنها تقوم بإستخدامها عندما ينشغل عنها (البيه) في رحلته اليومية للبحث عن الأناث فتقوم بتلقيح نفسها تلقيحاً ذاتياً (ولا الحوجة لابوجلمبو ولا اللي خلفوه). بغض النظر عن صحة التعليقات الواردة في هذا الإقتباس الذي لا يخلو من ظرافة إلا أنني لا أستغرب في اي قدرات إستثنائية لأبوجلبمو، ويمكن أن تشمل تلك الإمكانات القدرات الرجولية الزائدة او تصرفات الأنثي الجلمبوية في تجميد لقاحات الذكر لإستخدامها عند الحاجة. هؤلاء القوم بإمكانهم فعل كل الغرائب. على كل لقد ظل ابوجلمبو يعاني من من إستهداف البشر الباحثين عن الفحولة، مثله مثل بقية أنواع الحيوانات (المسكينة) التي إستهدفها الإنسان لهذا الغرض وهنا قائمة طويلة تشمل الكافيار، والجمبري، وبعض انواع القرش، وذكر الغنم ( التيس). أخشي ان يتجه البشر يوماً ما نحو الكلاب في سعيهم نحو تعزيز قدراتهم الشهوانية .
a href='https://www.freepik.com/photos/beach'>Beach photo created by wirestock - www.freepik.com</a
تطلق على أنواع أبوجلمبو عدد من الأسماء منها سرطان البحر، السلطعون، أبومقص، كابوريا ويعتقد على نطاق واسع بأن لحومه تتميز بمزايا صحية عديدة نظراً لما تتضمنه من كميات مقدرة من الغذاء، والمعادن، والفيتامينات. في مناطق كثيرة من العالم تشكل أنواع أبوجلمبو وجبة شهية ومطلوبة من قبل البشر. لكن الحال يختلف في السودان حيث يعيش أبوجلمبو حياة آمنة الي حد كبير. هنا لا يشكل ركناً أساسياً في موائد الأطعمة، حيث ذهب إهتمام السودانيين الي الأسماك دون غيرها من الأحياء البحرية و بالتالي لا يشكل جلمبو هدفاً للصيادين. هذه الميزة لا يجدها في البيئات الأخرى. عندما كنت أشاهد الضحايا من قبيلة أبوجلبمو في أسواق بيع الأسماك في الدول التي زرتها أتذكر أشقائهم في السودان الذين يعيشون عيشة الحرية والأمان. كنت أفكر أحياناً في مخاطبتهم قائلاً: يامعشر أبوجلمبو أذهبوا الى بلاد السودان فإن هناك شعباً لا يتغذى على لحومكم، وبإمكاناهم على الأقل تأمين أنفسكم من الإبادة الجماعية وتعديات الإنسان وظلمه. في الساحل السوداني، يتخذ الناس عدداً من الأساطير الشعبية والقصص لحماية بعض أنواع الحيوانات. بعض هذه الأساطير تربط بعض الأنواع بالجن وحمل أرواح الموتي ، بعضها يتشائم من قتلها بحجة ان ذلك يتسبب في حدوث كارثة طبيعية او سوء الطالع للمعتدي. قصص قطط سواكن (الجنيات) ليست بعيدة عن هذه الخلفية التراثية، فالقصد من هذه الأساطير التربوية تأمين الحيوان من الإعتداء . ذكر الرحالة إبن بطوطة في رحلته الي الحجاز التي مر فيها بالساحل السوداني في 1325 م ( قبل اكثر من 690 عاما) أن الغزلان في ساحل سواكن لا تخشى من البشر فهي تأنس بالآدمي ولا تنفر منه لأن البجاة لا يأكلونها. في حالة أبوجلمبو، تقول الأسطورة الشعبية أن قتله يتسبب في حدوث أهوية وعواصف في البحر مما يهدد حياة الصيادين في البحر او تتسبب هذه العواصف في منعهم من العمل. بالتالي، يتحاشي الصياديون الإعتداء علي أبوجلمبو حرصاً على سلامتهم ومصالحهم. عندما يعلق ابوجلمبو بسبب (شلاقته) في شباك الصيد التي ينشرها أصحابها لصيد الاسماك، يضطر الصياديون لبذل جهود إضافية لانقاذ حياته، وهي مهمة عسيرة نظراً لتعدد أرجله، وعدوانيته، وإستخدام مخالبه في العض، وقدرته على الحياة في المياة وخارج المياة. عندما تجتذب طرافة أبوجلمبو وقدارته وطريقه حركته الأطفال ويحاولون مطاردته يتدخل الكبار لحمايته من تلاعب الأطفال.
في حياتنا العادية، تذكرني بعض تصرفات البشر بحالة صاحبنا، فبعضنا لديهم القدرة للجري في كل الإتجاهات وأكل كل أنواع الأطعمة، والحياة في كل الظروف لكنهم بالتأكيد لا يمتلكون براءة أبوجلمبو ولا يسابقونه في مهاراته وقدراته.