الجمعة، 20 نوفمبر 2015

الإستعارات في لغة تبداوي



تذخر لغة تبداوي بكم هائل من التعبيرات البلاغية خصوصاً الإستعارات، لدرجة صعوبة ترجمتها حيث تفقد الكتير من معانيها عند النقل إلي لغة اخري، ولا يمكن للمتلقي فهمها او تكون مثيرة للضحك أحياناً. كثرة الإستعارات قد ترجع الي المزاجية البجاوية نفسها التي تميل الي الحذر، وهي سمة بقدر ما لها من مميزات فلها عيوبها التي ساهمت في العزلة ، والشك تجاه الآخر، والتردد في التفاعل مع المشروعات التي إستهدفت ترقيتهم. علي كل حال، فإن موضوعنا هو إستعارات اللغة. ذكر البريطاني أندرو بول الذي عمل إدارياً في منطقة البجة في شمال شرق السودان وألف كتاباً عنهم:   بأن اللغتين البجاويتين ( تبداوي وتيجري) يحتويات تعبيرات بلاغية رائعة وليستا لغتي بشر أغبياء ، وأضاف موضحاً ان قدراتهما الهائلة علي الحوار تتجلي في النقاش لحل المشكلات وعند جلسات القهوة تحت أشجار السنط ، وختم حديثه متحسراُ قائلا ( تغطي شعورهم الكثيفة عقولاً وقادة ولكنها للأسف غير مستغلة).
سنحاول التوقف عند بعض التعبيرات:
بامنفيفين أيي كالئيان : ترجمتها ( اليدين الذين لا يتبادلات السلام بصورة متكررة لا يبردان ) البرد المقصود به التآلف والسلام والمودة ، المعني البعيد هو ان الشخصين او الناس الذي لا يتبادلون المنافع والمصالح لا تًخلق بينهم إلفة وسلام ومودة.
توموك: توموك تعني حرفياً الجزء الأمامي من الرقبة وهو جزء حساس للانسان والحيوان ، ويمكن إدراك ذلك في مجتمع رعوي يستخدم آله السكين لذبح البهائم. الغريب أن الكلمة تستخدم في إطار الزواج ، بمعني عندما يوافق أب او ولي أمر الي خطبة بنته يقول ( توموك قيقسابو) الي سلمت رقبتها إلي رجل ، والصداق المدفوع يتم التعبير ان الشيء الفلاني دفع لرقبتها ( توموكتيتا فرآبو ) وعندما تطلب إمراة الطلاق تقول أطلب تحرير رقبتي ( توموكتا اهريو). الملاحظ  ان التعبير يستخدم في العربية بمعني تحرير المملوك.
أوريوي شكاوييكا إيندي شكوا قدا كابا: ترجمتها ( رعاة البشر اكثر من رعاة البهائم) ، المعني البعيد هو أن الناس يتابعون بعضهم البعض ، ويتحرون اي شيء. وتستخدم العبارة للإشارة الي أن اي تصرف يصدر منك مراقب من قبل الآخرين.
ميمشيت أياي كتهاي : ترجمتها ( ليست هناك قرابة للمقابر او في المقابر) ، المعني المقصود أن القرابة علاقق قوامها وروحها تبادل المصالح ، اي أنها علاقة دنيوية وليست للدار الآخرة. قد لا يتوافق ذلك مع المفهوم الديني للقرابة لكن يمكن فهم العبارة بمقصودها في اللحظة.
تك نفعيي هنقيل نون بهليي كيحقيل: ترجمتها بإمكان الإنسان أن يفقد نصيبه في توزيع الأموال ولكن لا يفقد نصيبه في الكلام ، تقال العبارة دائماً في إفتتاحية الحديث عندما يكون المتحدث غير ذي صلة قوية بموضوع النقاش، ولكن يبتدر بالعبارة للتذكير بأن اي شخص يمكنه المشاركة برأيه في اي  أمر.
اوميدلاب كدا اندلاي ايفيي: ترجمتها اللسان في ظل ظليل ، المعني البعيد أن اللسان مثبت في موقع مريح لا تصل إليه الحرارة التي يتعرض لها بقية أجزاء الجسم الخارجية. تستخدم العبارة للإشارة الي تفلتات اللسان والكلام الذي يطلقه البعض.
اوميدلاب لؤوبو: ترجمتها اللسان رويان ، ومعناها الحقيقي ان اللسان لا يعاني من العطش والحرارة كغيره من اجزاء الجسم وبالتالي يطلق الكلام بسهولة ودون اكتراث.
توبيرتي ايتنيت توبور يكستيني: ترجمتها ان الذي ينزل من السماء تتحمله الأرض، المعني المقصود أن الاقدار لا يمكن إلا تحملها .
اوبيرهن توبور كستو كيسكتيم: ترجمتها حتي المطر لا يهطل علي كل الارض، المعني المقصود ان الأرزاق مهما كانت كثيرة لا تكفي كل الناس . تقال العبارة في مواجهة بعض الأشخاص الذين يتذمرون عن حجم أنصبتهم في قسمة شيء ما.
اوراويوك تيفيت دراي قهنونيب اتامت فناتو: ترجمتها ( ان الآلام التي يعاني منها الآخرون كأنها حربة مغروسة في كوم من الطين )،  المعني المقصود ان الآلام لا يعاني منها إلا أصحابها ، فالآخرون مهما شعروا بالألم فان آلامهم لا تكون بقدر ألم صاحب الأمر نفسه. تستخدم العبارة للإشارة إلي عدم تفاعل بعض الناس تجاه آلام الآخرين في حال المرض او الوفاة.
اوكلاي اوكلاييو بهلي إيكتين: ترجمتها ( الطير يفهم كلام الطير) ، المعني المقصود ان الأشخاص الذين تجمعهم مشتركات سواء كانت مهنية او سلوكية فهم أكثر قدرة لفهم بعضهم البعض أكثر من الآخرين المختلفين عنهم.
اوكيقآي اوكيقأييو قوأد كيكول : ترجمتها الغراب لا ينقر عين الغراب، المعني المقصود أن الشخص لا يتمكن من أذي قريبه  وذلك  نتيجة للقرابة او معرفة كل شخص بسلوك قريبه.